أربعةُ احتمالاتٍ تُفسِّر مُحاوَلة التَّفجير الذي اسْتَهدَف الحمدالله

سواليف
استهداف مَوكِب الدكتور رامي الحمد الله بعد مُغادَرتِه حاجز ايريز بِعُبوةٍ ناسِفة جَرى زَرعُها على الطَّريق قُرب مدينة بيت حانون في مَدخل قِطاع غزّة جاء بِمَثابة إطلاقِ رصاصة الرَّحمة على مُصالحةٍ فِلسطينيّة بين حَركتي “فتح” و”حماس″ كانت في غُرفِة العِناية المُركّزة في الأساس وتَعيش النِّزاع الأخير.
من زَرَعَ هذهِ العُبوّة لم يَقصِد اغتيال الدكتور الحمد الله واللواء ماجد فرج، رئيس جِهاز المُخابِرات التَّابِع للسُّلطة الفِلسطينيّة في رام الله، وإنّما تَوجيه رسالة قَويّة لهما بأنّهما وسُلطَتهما غير مُرحِّبٍ بِهم جميعًا في القِطاع المُحاصَر، خاصّةً بعد استمرار العُقوبات الاقتصاديّة التي فَرَضَها الرئيس عباس، ومِن بينها تَخفيض رواتِب آلاف المُوظَّفين، وإحالة آلاف آخرين إلى التَّقاعُد، والأهم من كل ذلك أن تسليم رفح إلى أمن السُّلطة لم يُعطِ ثِماره في فَتح المَعبر بِصِفةٍ دائِمة، مِثلما كان مُفتَرضًا.
لا نعتقد أن حركة “حماس” هي التي تَقِف خلف هذا التَّفجير لأنّه يُشكِّل ضَربةً قاصِمةً لهَيبتها الأمنيّة التي تُعتَبر أبرز إنجازاتِها، إن لم يَكُن إنجازها الوَحيد في قِطاع غزّة، حَسب آراء الكَثير من المُوظَّفين الذين ذاقوا المُر من حالةِ الفَوضى والفَلتان الأمنيّ التي كانت سائِدةً في القِطاع قبل استلام الحَركة السُّلطة.
خُطورَة هذا الانفجار، أو مُحاولة الاغتيال، تَكمُن في أربعةِ أُمورٍ على دَرجةٍ كبيرةٍ من الأهميّة :
ـ الأوّل: تَكريس وتعزيز التوجُّه الذي تَقِف خَلفُه جِهات عديدة، ويَرمي إلى فَصلٍ نِهائيٍّ بين الضِّفّة الغَربيّة وقِطاع غزّة، وإقامة كِيانٍ فِلسطينيٍّ “مُستَقِل” في القِطاع الذي تُريد صَفقة القرن تسمينه بإضافة 720 كيلومترًا مُربّعًا إليه من سيناء، حسب بعض التَّسريبات الإسرائيليّة والأمريكيّة.
ـ الثّاني: إذا افترضنا أن جماعات “مُتشدِّدة”، وليس حركة “حماس” تَقِف خلف التَّفجير المَذكور، فإنّ هذا ليس فألاً طيّبًا لسُلطة الأخيرة وحُكمِها في القِطاع، لأنّه يعني أن أمن حماس باتَ يَفقِد السَّيطرة تَدريجيًّا على هذهِ الجماعات، خاصَّةً أنّها استهدفت بعض قِياداتِها مثل ماجد فقها، أحد قادة جناح القسّام، وحاولت اغتيال اللواء توفيق أبو نعيم، مدير عام قِوى الأمن الدَّاخلي في قِطاع غَزّة.
ـ الثّالث: احتمال وجود عُملاء إسرائيليين خَلف هذا التَّفجير بضَرب المُصالحة، أو ما تبقّى مِنها، وتوسيع الانقسام بين حَركتيّ فتح وحماس، وهو احتمال يجب عدم استبعاده مُطلقًا لخَلق فِتنة فِلسطينيّة، وإحياء ظاهِرة الاغتيالات.
ـ الرَّابع: يَجب النَّظر إلى هذهِ المُحاولة من زاوية المُناورات العَسكريّة الأمريكيّة الإسرائيليّة التي تُحاكي سيناريو التصدِّي لحَربٍ في قِطاع غزّة، وهُجومٍ يَنطلِق مِنه ضِد إسرائيل، ومِن زاوية صَفقة القَرن أيضًا التي باتَ إعلانها وَشيكًا.
الخُلاصة التي نُريد التوصُّل إليها هي ضَرورة التَّعاطي مع هذا التَّفجير بصُورةٍ أكثر مَسؤوليّة من حيث التبصُّر بأبعادِه، والأهداف التخريبيّة التي يَرمي إلى تَحقيقِها لتَمزيق السَّاحةِ الفِلسطينيّة التي هي مُمزّقة أصلاً وإغراقِها في أعمالٍ دَمويّة.
الرئيس محمود عباس يَتحمّل المَسؤوليّة الأكبر، وهو مُطالَب بالتحرُّك بطَريقةٍ سَريعةٍ لإحباط هذا المُخطَّط، والتَّراجُع عن عَقد مَجلسٍ وطنيٍّ فِلسطينيٍّ لا يَحظى بالقُبول، وسُيعطي نتائِج عَكسيّة أبرزها تَعزيز الانقسام بين الضِّفّة والقِطاع.
الشعب الفِلسطيني لا يَحتاج إلى مُؤتمرات جديدة وقرارات جديدة، وإنّما تَنفيذ القرارات السَّابِقة، أبرزها سَحب الاعتراف باسرائيل، ووَقف التَّنسيق الأمني مَعها، وعَودة المُقاومة للاحتلال بأشْكالِها كافَّة.
“رأي اليوم”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى