آخر ما كتبته ريم بنا لأولادها

سواليف

قبل أيام من رحيلها كتبت الفنانة الفلسطينية ريم بنا عن مرضها (سرطان الثدي) عبر حسابها الخاص على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” تدوينة، بمثابة رسالة لأولادها، فصلت بكلماتها مشاهر أم همها تخفيف المعاناة عن أطفالها بتلك الكلمات.

وكتبت ريم:

بالأمس .. كنت أحاول تخفيف وطأة هذه المعاناة القاسية على أولادي ..

فكان علي أن أخترع سيناريو ..

فقلت …

لا تخافوا .. هذا الجسد كقميص رثّ .. لا يدوم ..

حين أخلعه ..

سأهرب خلسة من بين الورد المسجّى في الصندوق ..

وأترك الجنازة “وخراريف العزاء” عن الطبخ وأوجاع المفاصل والزكام … مراقبة الأخريات الداخلات .. والروائح المحتقنة …

وسأجري كغزالة إلى بيتي …

سأطهو وجبة عشاء طيبة ..

سأرتب البيت وأشعل الشموع …

وانتظر عودتكم في الشرفة كالعادة ..

أجلس مع فنجان الميرمية ..

أرقب مرج ابن عامر ..

وأقول .. هذه الحياة جميلة ..

والموت كالتاريخ ..
فصل مزيّف ..

ومع خضم ألامها تترقب الموت خلسة، قاربت الفنانة ريم بنا نفسها المتوجعة، بفنانات العصر، أمثال “شاكيرا ومادونا” ، فعاتبت الطب الذي عجز عن علاجها.

كما رثت الراحلة نفسها قبيل وفاتها .. فكتبت جسدها الصغير الذي لم يتسع له المشافي.

وكتبت:

عبء على الطب .. الذي عجز عن كل ما أُصبت به ..

عبء على المشافي .. التي لن تسع جسدي الصغير …

عبء على وطن عشقت …

ولا حيلة في اليد … فأنا لستُ “شاكيرا أو مدونا” لتستنفر البلاد من أجلها ..

عبء على الطبيب .. حين يفقد القدرة على فعل شيء .. رغم أنه وعد بتوفر الحلول دوماً …

عبء على الجسد والوجع والروح ..

عبء على “أصدقاء متجاهلين” سقطوا في ملذاتهم .. وتسرّبوا من بين الأصابع كالهفوة …

عبء على الأنفاس الضيقة …

عبء على ليل لا يحتمل أرق مألوم ..

عبء على الهواء وورد الشبابيك الذي لا أصل ..

عبء على درب الأحلام الذي لم تعد تطأه قدماي …

عبء على الحب الذي يجعلنا كريشة طائشة خفيفة …

عبء على الومضة مهما لمعت …

عبء على العبء ..

وحدهم أحبتي مَن حولي لا يتذمرون ..

وحدهم أحبتي لا يفقدون الأمل ولا يكلّون …

وأنا بين حد سيفين ..

في غيبوبة التأمل …

أتدرّب على نهاية ساخرة ..

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى