هكذا أعلنَ هردبشت / يوسف غيشان

هكذا أعلنَ هردبشت
السحجة ، كلمة أردنية عاميّة تعني التصفيق الجماعي خلال أغنية أو سامر شعبيّ يقوم على التكرار الفولكلوري المعروف ، وقد تم نقل هذه الخبرات التسحيجية – مع بعض التعديل – إلى الفاضلة سميرة توفيق في أغنياتها الأردنية.
ولا شكّ في أنّ الكثيرين منا يذكرون الأغنيات التي كانوا يضعون فيها ، إلى الخلف من أم السوس ، مجموعة من الرجال المتجهمين ببذلات سوداء تعتقدهم أعضاء في (الكي.جي. بي)، لكنهم يفقدون هيبتهم ووقارهم فجأة حينما يشرعون في تكرار كلمة واحدة فقط عند نهاية كل مقطع تغنيه سوسو .. مثل كلمة (يا دادا) أو كلمة (أيوه أه) وغيرها .. وهذا أسلوب جديد في التسحيج بالفم بدل اليد ..!
هكذا تحول التسحيج باليد إلى تسحيج بالفم ، ثمّ تحوّل إلى تسحيج بالقلم وبعدها بالفارة وشاشة الكمبيوتر وعلى المواقع الإلكترونيّة ، أو حتى تسحيج بالنظر أو بالسمع .. ولم يلغ أي نوع من الأنواع الجديدة الأنواع السابقة ، واستمر التسحيج بكافة أنواعه ، منذ المشاعيّة الأولى حتى ساعة إعداد هذا البيان ، حتى أنه صار جزءاً قد يتجزأ من نسيجنا الاجتماعي.
الكلّ يعرف أننا نمتلك (كورس) ، بل كوارس ومجموعات في كلّ مكان على أُهبة التسحيج للمسؤول من درجة ثالثة وما فوق ، لغايات الحصول على الرضى وتوابعه طبعا ، من علاوات وترفيعات ومناصب وووووووو … كل ذلك على حساب الحقيقة والواقع ، وعلى حساب الشرفاء الذين تمنعهم كرامتهم الشخصية من ممارسة التزلف والتسحيج ، وهؤلاء كثيرون .
لو لم يجد هتلر ملايين السحّيجة من حوله لما هاجم العالم واقترف حرباً عالمية أودت بالملايين .. وكذلك موسوليني وستالين في التصفيات الداخلية الظالمة .. وكذلك كافة طغاة التاريخ .
أعتقد أنّ مجموعات السحيجة هم أكثر خطورة من إنفلونزا الخنازير، التي يمكن معالجتها بدواء معروف ، لكن هؤلاء يصيبون المسؤول بمرض عمى الألوان الكامل ، واختلاط السمع بالبصر فيشعر بفوضى ذهنية ، تجعله ( أي المسؤول) يستمر في اتخاذ القرارات الخاطئة والمضرّة التي تفتك بنسيج الدولة السياسي والاجتماعي .. وهات رقّع .
مقابل مكاسب شخصية رخيصة يُضحّي السحّيجة بهيبة الوطن …!!
عزيزى: هل ترضى على نفسك أن تكون أحد السحيجة ؟؟
من كتابي(هكذا تكلم هردبشت)الصادر عام2011

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى