ملحمة نشيْنِشْ / كمال الزغول

ملحمة نشيْنِشْ

في نشينش صُعق الجسد بشوك المرار اليابس ولم تغفُ العين لحظة، في نشينش سُلب الخوف من القلب واشتد عود الجسد ولم يعد هنالك فرق بين الحياة والموت، في نشينش وجبة الغداء ثانيتان من الوقت وركض وجسد مبتل بالماء، ارض نشينِش سألتني يوما هل زحفكم على الشوك اليابس بدون غطاء للجسد هو درس علمي! فقلت لها سأجيبك عندما انهي فصول تضحيتي في هذه الارض المؤابية المباركة، فالآن همي الوحيد ان اتخلص مما انا فيه من التدريب القاسي.

نشينش كان هواؤها نقيا وشمسها ساطعة ،سبعون يوما في نشينش تُهنا كما تاه بنوا اسرائيل في سيناء، تدريب قاس لكنه للرجال ، في نشينش شربنا واغتسلنا من نفس البئر المؤابي العذب وايضا كنا نبتل منه كما تبتل الارض بعد عجاف السنين، تضحية بعد تضحية وفي السنة الرابعة من عمر العطاء المؤتوي وجب علي الاجابة على سؤال نشينش الحائر فاجبتها اننا سنحمي الوطن ، لكن بعدها بثلاثة عقود تقلبت الخدع على اخلاصنا وهرمنا وتجددت هرطقات الفساد لكننا بقينا رغم كل هذه الخديعة نحب نشينش لأنها ارض بكر لم يتجرأ ان يتعرف عليها فاسد ، تفيأنا في مقام جعفر الطيار وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة ولم يختلط فكرنا بضلالة المال ودناءة الحال ، سرقتنا الارض ولم نسرقها ،ووثقت بنا ولم نخيب ظنها، فكتبنا على ابواب مؤتة في المشهد: اننا لن نبدل كراديس خالد بكراديس هزائم الفاسدين وسنرفع اردننا بعضدينا لأننا جُبلنا بنجيع الصحابة وما زلنا على العهد وان خدعونا الخوالف بفسادهم فسنحيا بفكرنا الى الابد ما دمنا احراراُ.

فهل عرف الذين خصّوا انفسهم بالخصخصة اين هي نشينش! وهل عرفوا كيف عاش الابطال الملحمة المؤابية «نشينش» ومن هم ابطالها وللأسف دخل ابناء طروادة بسيف الاقتصاد المسموم ودمروا ما بقي من الخير في نشينش!….آهٍ لو عرف ميشع ان مؤاب وعمون وإدوم سيسرق ثرواتها قطاع الطرق لكتب على مِسلته :انا انتصرت واخلصت وجلبت الاستقرار والأمن لممالكي لكن احذروا نشّاشي الموارد والنعم وحافظوا ايها الميشَعيِّون على الارض واطردوا قاسِطي المال وكونوا مقسِطين في موطنكم واحموه آمنا مستقرا.

مقالات ذات صلة

ذكريات ميشعي بأثر رجعي /مؤته 1990
كمال الزغول-اسبانيا 12/10/2018

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى