عازف الكمان / بشاير علي السعيدين

عازف الكمان
ملك الشاطئ وصديق رائع للطيور ، كانت الحانه ملجأ للحزانى وللهاربين من حب قديم وللأوغاد الثمالى أيضاً ، أصبح مزار للفتيات المهووسات بالتصوير والبحث عن ما هو مثير للدهشة ليعجب اذواق متابعيهن، كأنه تحفه باليه أو إرث تاريخي محنط ، كان يشتعل غضباً عندما يحاول احدهم منحه النقود ، لا يقبل أي شيء من أحد سوى الذره المشويه من ‘جميل’ بائع الذره ، لم يسمع صوته أحد رغم محاولات الكثير ، ببدلته السوداء التي نالت من لونها الشمس لتصبح مائلة للون الرمادي وأجزم بأن مذاقها مالح كمياة البحر ، لا يمل من العزف ولا يمل الناس من سماع شجن الحانه ، يتأوه العاشق منهم ، ويستذكر المديون تهديدات المستأجر له بأن يدفع باسرع وقت وإلا سيرحل ، وتصفق بائعة غزل البنات مبدية الكثير من الامتنان له لأنه أونس ليلها في ذلك الشاطئ البائس ، ينصت المثقف بشغف ويقول في نفسه يا لجمال تلك المعزوفة ، جمالها يعادل الف رواية . يعلو صوت كمانه ليفزع الجميع . نعم هو دائما ينهي عزفه بهذه الطريقة ، ليرحل الجميع ويبقى هو ليتوسد أنيسة الروحي ‘الكمان’ ملتحفا رمال ذلك الشاطئ . وفي ذات مساء اختفى ، فضاج الجميع واخذو يبحثون عنه كما يبحث عن طفله ، أدمن الجميع عزفه ، كان بمثابة إبرة تخدير لإوجاعهم ، قتلتهم الحيره والحسرة . أين هو وفي أي الشواطئ يمكث ، هل أصابه مكروه أم أنه قرر الرحيل بمحظ ارادته ، لتاتي من بعيد بائعة غزل البنات وتصرخ بصوت جنوني يملأه الحزن ، القت غزل البنات بعيدا ، واقتربت ، إبتدأت بتنهيدة قاتله فصمتت والكل يترقب حديثها ،
فصاحت بهم قائله : أتبحثون عن عازف الكمان ، أتبحثون عنه لإجله أم تبحثون عنه ليلبي رغباتكم دون مقابل، الم يتسائل أحدكم من يكون وما وراء الحانه الحزينه تلك ، وما أوصله لذلك الحال ، هه لا استغرب بلاهتكم تلك فأنتم ترعرتم في احضان حكوماتكم الجليله ، عازف الكمان كان شاب يعمل مدرس للغه الفرنسيه ، تزوج من فتاة أحبها بعد عناء طويل فأنتم تعلمون تكاليف الزواج في بلادنا ، كان محبا للموسيقى و مهووسا بآلة الكمان ، كانت زوجته تعلم بهوسه ، فقررت أن تهديه إياه في حفل ميلاده الثامن والعشرين، لتأتي الاقدار مباغتة سعادتهم لتصاب زوجته (ميرا ) بسرطان في الدماغ . جن جنونه وأخذها من مشفى الى اخر لتنغلق في وجهه كل الأبواب ، كان الحل الوحيد هو السفر الى الخارج ولأنه ليس إبن وزير حالي أم سابق ولا إبن عم نائب ؛ سيتكفل هو بكل مصاريف العلاج الباهظه ، لم ييأس وقرر أن يقيم حفل كمان ليجني البعض من المال ، استعار بدلة صديقه وتجهز لذلك الحفل ، كانت زوجته تمسك بيده قبل بدء الحفل لتخبره بإنها فخورة به وبإنه أميرها وعكاز وجعها ، صعد للمسرح لتجلس هي في المقعد الامامي لتكون شعلته إذا انطفأ ، بدأ بالعزف ليمتلأ المكان بالالحان ، هدأ كل شي ، إنطفأت هي قبل أن ينطفأ ، ماتت على شجن الحانه وكأنما موتها لحن الفناء ، تصلب هو وتوارت احلامه واهمت بالمغيب مع رحيلها المفجع . باتت الحانه يتيمه تلعن البلد والحكومات وكل من أغتصب فرحته . أنهت قائله:
هه ويقولون (اﻹنسان اغلى ما نملك )

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى