سواليف
جرت العادة في ريف المشرق العربي التنبؤ بأحوال المناخ بواسطة ” الملح الصخري “؛ وذلك لمعرفة حالة السنة المناخية من حيث كمية الأمطار.
حيث كان كبار السن ينتظرون ليلة 22 أيلول/ سبتمبر- ليلة الاعتدال الخريفي السنوي (وهو فعليًا نهاية فصل الصيف وبداية موسم المطر).
حيث يقومون بوضع (8) قبضات متساوية من ” الملح الصخري الطبيعي” على سطح حجر من البازلت (لا يتأثر بالرطوبة) تعادل كل قبضة شهراً شتوياً واحدًا، كالتالي: تشرين الأول، تشرين الثاني، كانون الأول، كانون الثاني، شباط، آذار، نيسان، ايار .
وعندما يستيقظون في الصباح الباكر لرؤية (صبابير) الملح الصغيرة، يبدؤون العد من قبضة الشهر الأول أي تشرين الأول، وهكذا.. فإن كانت إحدى هذه القبضات تغير لونها وسال ماؤها فهو شهر شتاء وفير.ويمكن أن يعلموا أي الأشهر فيها شتاء، وأخرى شتاؤها ضعيف عن طريق الماء الموجود في الملح أو أمامه.
وإذا كانت القبضات كلها رطبة قليلاً فالسنة تكون محلاً، وبعبارات أخرى تتم مراقبة أكوام الملح قبل بزوغ فجر اليوم التالي (وإذا كان الملح جامدا يكون البرد قارسا، وإذا ذاب الملح فالشهر يخبئ أمطارا وافرة وإذا لم يتغيّر حال الملح فالطقس سيكون صافيا).
وتعد هذه العادة قديمة جداً ومتوارث اجتماعي وثقافي منذ مئات السنين، وتخضع لشروط عدة، هي:
– أن الشخص الذي يجب أن يضع الملح يجب أن يحمل اسماً لا يحمله غيره في القرية.
– أن يضع الملح على حجر بازلتي حصراً لأنه الحجر الذي لا تصيبه الرطوبة نهائياً.
– أن يتم وضع الملح ليلة الثاني والعشرين من أيلول/ سبتمبر .
– الأهم من كل ذلك أن يتحلى بالإيمان.
ويُشار أن الفلاحين والمزارعين في لواء الكورة بمحافظة اربد بشمال الأردن اعتمدوا العديد من الطرق التي يعرفون من خلالها وضع الأحوال الجوية، والتي قد تمتدّ أحيانا إلى سنة كاملة لتساعدهم في الزراعة وجني المحصول حيث لا يزال البعض يهتم بها، وكان أسلافنا اعتمدوها قبل وجود الأقمار الاصطناعية والتحليلات المناخية، ومحطات الأرصاد الجوية وغالبا ما كانت تصيب.
ولكن بسبب التحولات التي طرأت على المناخ في زمن الأجداد والتغيرات الحاصلة اليوم، تراجع هذا التقليد المناخي السنوي حيث أن زمن الستينات والسبعينات يختلف عن العصر الحالي؛ نظرا لعدم وجود ظاهرة التغير المناخي والاحتباس الحراري في حينه.
ملاحظة : المعلومات من كتاب د. احمد جبر الشريدة الذي سيصدر قريبا- ان شاء الله – بعنوان ( الفلك والمناخ والأنواء في الموروث الجمعي الشفوي في المشرق العربي)