فيلم روائي اردني جديد للمخرجة ديما عمرو .. (فرق 7 ساعات )

ناجح حسن – أنجزت المخرجة الأردنية ديما عمرو حديثا فيلما روائيا طويلا بعنوان (فرق 7 ساعات) وهو العنوان المستمد عن فرق التوقيت بين عمان وأميركا وجرت سائر أحداثه في العاصمة عمان وضواحيها.
كتبت عمرو سيناريو فيلمها الذي صورته عقب تخرجها من معهد البحر الأحمر للعلوم السينمائية في محاكاة لثقافتين شرقية وغربية – فضاؤها البيئة الأردنية – من خلال قصة فتاة أردنية تدرس في أميركا تقرر العودة إلى الوطن للمشاركة في عرس شقيقتها لتفاجأ بأنها أمام زميلها الاميركي بالجامعة لتبدأ مواقف ومفارقات حول تباين الثقافتين .
أسندت المخرجة مجموعة من الأدوار لشباب في إطلالتهم الأولى على الكاميرا إلى جوار ممثلين أردنيين مكرسين مثل قمر الصفدي وغسان المشيني.
وتسعى عمرو حاليا إلى الاشتراك بفيلمها الذي يعد أول فيلم روائي طويل من إخراج فتاة أردنية في العديد من المهرجانات السينمائية العربية والدولية.
جاء الفيلم ضمن برنامج تطوير القدرات في الهيئة الملكية الأردنية للأفلام الذي سبق أن قدم مجموعة من الأعمال التسجيلية والروائية المتنوعة حققها صناع أفلام شباب حديثو التخرج ومشاركون في أعمال ورش تدريب .
(الرأي) التقت المخرجة ديما عمرو وحادثتها حول ظروف خوض غمار هذه التجربة .
* هل لك أن تعرضي للقاريء بدايات اهتماماتك الأولى في حقل صناعة الأفلام ؟
– خلال السنوات الأولى من طفولتي كنت اعبث كثيرا بكاميرا فيديو كان يمتلكها والدي لممارسة هوايته بالتصوير، ومع دخولي المدرسة أخذت أقوم بتجارب في تصوير الأشياء من حولي وحصلت على مجموعة من الصور والمناظر المتنوعة الاهتمامات بفعل تشجيع الأهل حيث اقترن ذلك بهواية مفضلة لي وهي قراءة القصص والشعر والعديد من الكتب المتوفرة في البيت قبل أن أسعى إلى كتابة الشعر والخواطر .
* ماذا عن نوعية تلك الكاميرا؟
– أتذكر إنها كانت من نوع الفيديو كاسيت ذات الوزن الثقيل وتعمل على شريط قبل أن يستبدلها والدي لاحقا بكاميرا حديثة صغيرة الحجم، وثابر والدي بين حين وآخر على تزويدي بأصناف متنوعة من الكاميرات الرقمية الحديثة .
* هذا يقودنا عن طبيعة عمل الوالد؟
– هو يعمل مدير في واحدة من شركات المقاولات ولديه هواية التصوير .
* ماذا عن نوعية الأفلام التي كنت تشاهديها أو تأثرت بها في فترة مبكرة قبل أن تدخلي عالم صناعة الأفلام ؟
– كنت مغرمة بمشاهدة الأفلام الأجنبية التي تعرض على شاشة التلفزيون حيث في تلك الفترة كنت لا أزال أعيش بالسعودية وهي تفتقد لصالات سينمائية وبالطبع إن تلك الأفلام جميعها كانت تسير في فلك النموذج الهوليودي وتأثرت بالعديد منها قبل أن يصيبني نوع من الشغف في متابعة الأفلام العربية الكلاسيكية والحديثة.
* تحدثت عن هواية الكتابة من أين كنت تستمدين موضوعاتك ؟
– في تلك الفترة كما أسلفت كنت بعيدة عن الوطن حيث ولدت في السعودية التي شهدت بواكير كتاباتي الأولى من قصص ونصوص وخواطر وأفكار ولكن عودتي إلى عمان بدأت أشارك بالكتابة في مجلات تصدر باللغة الإنجليزية.
غالبا ما كانت موضوعاتي من قصص وحكايات المجتمع والبيئة التي أعيش فيها اللحظة الراهنة والبعض منها كان يبحث في مواضيع فكرية افتراضية تتطلع إلى عرض وتحليل هموم ذاتية وقضايا تتمحور حولها هموم إنسانية .
*دعيني انطلق إلى دراستك الجامعية ومدى انسجامك مع اختيارك لموضوع الدراسة وأنت الهاوية لحرفة الأدب وعالم صناعة الأفلام ؟
– مع رغبتي الأكيدة في دراسة فنون السينما الا إنني رضخت لضغوط عديدة – هناك من كان يقول لي إن السينما لا تطعم خبزا- ووجدت نفسي ادرس مادة نظم معلومات في الجامعة الأردنية، لكن مع كل يوم يمضي كنت اشعر انه لا بد لي دراسة السينما ثم قررت التحول إلى جامعة نيويورك للتكنولوجيا بغية دراسة الإعلام ووسائل الاتصال السمعي البصري لكن هذا الباب أوصد أمامي ايضا بسبب تأخر افتتاح الكلية وهو ما جعلني اتجه إلى دراسة التسويق .
* وماذا عن الفترة التي أعقبت تخرجك من الجامعة؟
– بعد تخرجي من الجامعة عملت في مجال التسويق بإحدى الشركات لمدة قصيرة لا تتجاوز الأسبوعين حيث اكتفيت بهذه الأيام وغادرت إلى بيت العائلة وفي هذه الأثناء حدثت تفجيرات عمان الإرهابية، التي جعلتني أعود للكتابة وصارت تخرج مني أفكار لسيناريوهات متباينة المواضيع وعاد حلم السينما إلى ذاتي من جديد، وكان أن حدث أول اتصال لي مع الهيئة الملكية الأردنية للأفلام التي توجهت إليها من اجل طلب معدات وأجهزة تصوير وكان لي ذلك بعد أن راق لهم احد نصوصي الذين وجدوا فيه منحى كوميديا لكن النص لم تكن له علاقة بتفجيرات عمان بل أنجزته كفيلم قصير تحت عنوان غريب (lt) .
* أين عرضت هذا الفيلم .. وماذا عن الصدى الذي وجده لدى الحضور وفيما إذا أعقبته محاولات وتجارب تالية؟
– عرضت الفيلم في نطاق محدود لا يتجاوز محيط الأهل والأصدقاء ولا أستطيع الادعاء انه كان تحفة بل مكون من مواقف تحفل بالدعابة من داخل الواقع الذي نقطن فيه يتعلق بسلوكيات الفرد اليومية والغرض منه الحصول على ابتسامة من المتلقي.
لكن أهمية هذا العمل القصير جعلني اطلب من الأهل السماح لي أن اذهب إلى لندن للالتحاق بدورة سينمائية تدريبية في أكاديمية نيويورك للأفلام وفعلا ذهبت إلى هناك واجتزت الدورة بنجاح عندها عدت وعملت في فيلم قصير من النوع الروائي التجريبي يحكي عن تفعيل وتنشيط ذهن الناس أمام معضلة تتعلق بالتكفيرعن الذنب ممن لا يحتمله بعض الأشخاص والفيلم كان بمثابة دعوة إلى العيش بأريحية بعيدا عن القيود وجرى عرض الفيلم في إحدى دورات مهرجان كرافان ومهرجان الفيلم الأوروبي.
عقب ذلك عملت مع المخرجة غادة سابا في أفلام بلا ميزانية مديرة إنتاج واستلمت مشروع المسيرة لمدة عام ثم عملت من إنتاجي فيديو كليب لسعيد مراد ونزل على العديد من قنوات عربية لكني لم استفيد منه ماديا إلى هذه اللحظة.
* هذا يقودنا إلى التحاقك بمعهد البحر الأحمر للعلوم السينمائية وحصولك الماجستير .. هل وجدت تباين بين الدراسة هنا اقصد (العقبة) والدورة التدريبية في لندن؟
– عقب تجاربي التي أراها بسيطة في صناعة الفيلم القصير وأشرطة الفيديو كليب قمت بعملية مراجعة لذاتي من اجل تصويب طريقي والاستمرار في حلم وطموح إنجاز الأفلام الروائية الطويلة وحدث أن التحقت بمعهد الأس إيه أي وكنت أول دفعة حيث نلت نصف بعثة ومنه قررت التقدم بأوراقي إلى معهد البحر الأحمر للعلوم السينمائية وكنت آخر من تقدم من الطلبة، وأمضيت مدة عامين تعلمت خلالها كل شيء يتعلق في صناعة الأفلام وعلى سائر تفاصيل العمل السينمائي ثم أخذت اعمل على الكتابة وقمت بإنجاز المسودات الأولى لنص فيلمي الروائي الطويل الأول بإشراف أكثر من بروفسور .
* يبدو إن المعهد حقق لك الكثير في مجال صقل الموهبة بألوان من المعرفة والاشتغال على أساليب عمل احترافية؟
كان تخصصي في المعهد بحقل إنتاج الأفلام ولم أسعى إلى الإخراج سوى في إنجاز فيلم روائي قصير بالطبع وأيضا فيلمين وثائقيين من النوع التجريبي، كان الأول عن مسلسل نور التركي الذي آثار دهشة الناس وكانت له تداعيات على السياحة لم يعرض لأنه احتوى على لقطات من المسلسل بدون ملكية للحقوق.
وكان الفيلمان التسجيليين من النوع التجريبي الأول عن امرأة تكسر القلوب والثاني عن امرأة مضطربة والثاني تشويقي.
* ثم عملت على إنتاج أكثر من فيلم من بينها: (سواليف) للمخرج الراحل أسامة نمروقة و(في غرفة السيدات) إخراج نادية عليوات والفيلم الوثائقي (كل إنسان طفل) للإيرانية الأصل تشاكا ميه ميراندي .
* حبذا لو نأتي إلى تجربتك في صناعة الفيلم الروائي الطويل واعني به (فرق 7 ساعات) اسم غريب .. ولكن ماذا عن حكايته ؟
– اسم الفيلم مأخوذ فارق التوقيت بين الأردن وأميركا حيث الأحداث تسري في العاصمة عمان ويحكي عن الفتاة داليا التي تدرس في إحدى جامعات بوسطن الاميركية أمضت ثلاثة أعوام وارتبطت بعلاقة زمالة مع شاب اميركي لا علاقة له بالثقافة العربية ويصدف أن تعود داليا إلى عمان للمشاركة في عرس شقيقتها .
الفيلم يبدأ يوم جاهة شقيقتها وداليا تنتظر زميلة مصرية رغبت بمشاركتها في فرح شقيقتها وتكون المفاجأة إن زميلتها أحضرت معها الشاب الاميركي لأنه قرر الزواج من داليا ويود التعرف على عائلتها لكن كونه اميركي يتفاجأ بالثقافة العربية والأردنية تحديدا التي يتوجب عليه أن يجتازها لكي يحقق حلمه بالزواج .
* هل وجدت صعوبة في تمويله إنتاجيا، حيث متطلبات هذا النوع من الأفلام التي تتناول أكثر من بيئة من الصعوبة بمكان توفيرها لمخرجة شابة مثلك؟
– الفيلم هو واحد من إنتاجات البرنامج التعليمي في الهيئة الملكية الأردنية للأفلام وجرى تصويره بأسلوبية السينما البسيطة غير المتكلفة وذلك بكاميرا كانون 5 دي وسبب اختيارنا لهذه الكاميرا انه لا يوجد ميزانية كافية فضلا عن حصارنا بوقت محدد للتصوير .
* هل لك أن تذكري بعض أسماء العاملين معك في الفيلم سواء من الممثلين أو التقنيين؟
– اضطلع بتصوير الفيلم دريد منجم هو عراقي الأصل كندي الجنسية وتعددت أمكنة التصوير في منزل لعائلة أردنية استضافت طاقم العمل وفي فندق لاند مارك وشارع الوكالات وجسر عبدون وأقمنا صيوان بواحد من شوارع العاصمة في محاولة تقريبه لواقع بيئة عمانية يقطن فيها عائلات من الطبقة المتوسطة.
واستعنت بالموسيقى التصويرية التي وضعها الفنان الأردني سري أبو العدل ووظفت أغنيات لشباب أردنيين يقدمون غناء وموسيقى الروك الهاديء بعيدا عن الضجيج وخاصة تلك التي يقدمها همام عماري وسلام حمود .
اما طاقم الممثلين فقد كان خليط من المحترفين والهواة مثل: رندة كرادشة في دور رئيسي في إطلالة أولى لها على عالم صناعة الأفلام ، وطارق بشارة في دور الشاب الاميركي والسورية ليلى عربي في دور الفتاة المصرية، والفنان غسان المشيني في دور الأب والفنانة قمر الصفدي في دور الخالة ومنال سحيمات بدور الشقيقة وإياس يونس بدور الشاب الأردني فيصل واشرف على إنتاج الفيلم كل من: كارلا دعيبس وميرفت اكسوي.
* كيف جرى العمل على إدارة فريق الممثلين، وماذا عن اختيارك لإيقاع الفيلم والتقاط مناظر وزوايا تصوير الفيلم؟

– اعتمدت أسلوبية عفوية وتلقائية في إدارة الممثلين كنا نجلس معا ونتحدث عن المشهد الذي نعمل على تصويره والغاية المرجوة منه من زوايا عديدة، ثم نجيب عن أسئلة فريق الفيلم داخل بيئة من الصداقة والتمكين دون تشدد في جلسات حوارية دون مبالغة في إحساس جديد يمكن إضافته على الشخصية .
بخصوص الإيقاع آثرت أن يكون وسطيا لا سريع ولا بطيء وهو من وجهة نظري يتناغم مع إيقاع الحياة لأغلبية الشباب في مجتمعنا المعاصر .
على صعيد التصوير لجأت إلى اللقطات القريبة للممثلين لمعرفة ما يدور حولهم من أحاسيس ومشاعر، دون السعي إلى اللقطات الطويلة بغية أن يكون المشاهد كجزء من الحدث .
رغبت إن تكون الكاميرا غالبا ثابتة لا تتحرك بديلا عن الكاميرا الدائمة الحركة وهذا عائد الى ظروف الميزانية واتجهنا إلى اعتماد إضاءة محكمة تراعي تدرجات الظل والنور وتحولات ساعات الليل والنهار ، لا اخفي سعادتي بقدرات فريق العمل الذين اشتغلت معهم وهم من فئة الشباب النابهين والمحترفين لقد جمعتنا أجواء عمل مريحة مليئة بالحيوية والنشاط والابتكار .
* وأنت تصورين فيلمك هل كنت تطمحين لبلوغ مستوى من الأعمال السينمائية التي جذبت اهتمامك بهذا الحقل التعبيري ؟
– قطعا لم ارغب في تقليد أي فيلم آخر، بل إنني أفضل عادة الأسلوبية التي يشتغل عليها المخرج ايليا سليمان والمخرجة نادين لبكي، لكن فيلمي يختلف عنهما إلى حد بعيد وهذا لا يمنع أن أقول إنني معجبة بذلك النوع من الأفلام ورؤى صانعيها.

أ.ر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى