رسالة إلى البحر

[review]

رسالة إلى البحر

عمر الصرايرة 20 / 5 / 2011

كأنكَ عندما ترى البحر ، ترى الحياةَ لأوَّلِ مرَّة ! كأنهُ عندما يتنهَّدُ موجةً موجة ، يعيدُ سيلَ الذكرياتِ إليك ؛ فترى عيونَ العاشقاتِ في عيونهِ ، وترى ابتساماتهنَّ في تبَسُّمِ ثغرهِ .

مقالات ذات صلة

ترى الماضي الحزينَ يخلعُ عنهُ رداءهُ ؛ وينزلُ كي يغتسلَ من همومهِ وأوجاعه . تفترشُ الشمسُ البحرَ سريراً بوسادةٍ وثيرةٍ ، يروِّعُها اقترابُ الناس منها ويقضُّ مضجعها البحريّ . يكسرُ صمتهُ ، تلاطمُ أولادهِ أمامهُ على الشاطئ . الستارُ الأبيضُ الذي يغطِّيهِ ، يهيِّئه كي يكونَ غرفةَ خلوتكَ الخاصة . ترى روح المحبَّةِ على حقيقتها ، عندَ النظرِ إلى البعيد لحظةَ عناقِ السماء للأرض .

ها هيَ الشمسُ ترتمي في حِضنِ الجبال ، يهدهدُ الشفقُ الحنونُ البحر ويربتُ على كتفه ، يدثِّرهُ الليلُ بغطائهِ ، يستيقظُ حارسهُ من نومهِ النهاريّ ، تضيئهُ عيونُ الساهرين ، يسهِّدهُ الحنين ، تحرِّكهُ اللوعةُ والشوق .

هل مِنْ أحدٍ يسألُ البحر : أتودُّ تغييرَ مكانك ؟! أنتَ تجعلُ منهُ ساعي بريدٍ بينكَ وبينَ المجهول ، فهل من أحدٍ يسألُ البحر : أتودُّ إيصالَ أيَّة رسالةٍ ؟!

يا بحرُ خُذْ رسالتي هذه ، ابتلعها ! ودفِّئها بجمركَ المتواري خلفَ برودةِ مائك . اشعرْ بما يجولُ بخاطري تجاهك.

تركتُ جسدي مشنوقاً على بابِ مدينتي وأتيتُ بروحي عاريةً ؛ أتضرَّعُ لفرطِ ما لديك من سكنٍ لها وارتياح .

سلامٌ عليكَ أيُّها البحر .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى