ذنوب صغيرة

[review]
ذنوب صغيرة

قالوا : quot; الذنوب الصغيرة لا تصعد للسماء quot; *

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

ساره .. ! مضى عام على رحيلك , وأمي لا زالت تـُخطىء بالتسبيح كل مساء

مقالات ذات صلة

تـُسدد لنا سـِهام الوصايا وتجمعـُنا على بخورها وتـُحصِِنـُنا من شر النفاثات

في العـُقد ومن الوسواس الخناس , لا زالت تظن أن غيابكِ عين أصابتنا .

مذاق الفقد ثقيل , ثقيل يا ساره وأمي لا قـُدرة لها على

بعض غيابك , فكيف بكـُله !

زفير أمي جاهز , أكوام .. أكوام ! و عيناها مـُطفأة من الدمع ,

أفكر دائماً :لو تدعني ألعق جفنيـّها وأُرطـِبهـُما .

من قعر عام , وعينا أبي الصغيرتان مـُثبتتان على حزن , مـُبللتان بدمع يابس لا ينز .

فيهما قذى لا يزول , أراهما كالتنور يـُدار عليه قـُرص الوجع يميناً وشمالاً .

وجعه صاحي كـ غفير مناوب , يمشي ويتجاهل وجوهنا , يلـف يديه خلف ظهره ,

تقوس كثيراً يا ساره , قد يكون من السـُعال الذي يصـُبه في قهوته كل صباح ,

أو من الليمون الذي يـُقطـّره غيابك في عينيه كل مساء .

إعشوشب الحزن بكثافة على حاجبيه , ونما على ذقنه إبر بيضاء كالملح .

الشرود تبغ أبي , وصمته طويل , طويل , وكأن دلواً من الطمأنينة سكبه الله على قلبه .

من أخمص عام مضى وأصابعي عاطلة عن الفرح , لا زلتُ ابكيكِ كل ليلة بوجع مختلف.

بليد هذا الحزن , مـُقرفص على الأعتاب , أطرده فيعود , ثم أطرده فيعود ,

ولا يتركني الا وقد أفرز قيحاً في قلبي .

ذبـُلت الروح يا ساره , أصبحنا كالخيام الممزقة , انكسرنا , انثنينا ولم نستقم بعد.

مبتدأ القصة حين استفاقت القرية على خبر , حين قصف أخي غصن

ساره بمنجل ظنونه

حين أطفىء عـُمرها كما يـُطفىء عـُقب سيجارته .

أخي نـُطفة البؤس كان يرى الحنين مـُذكر , والاحلام رفيقة سوء .

و ساره كانت طيناً يشتهي المزج بالماء , تـُربي الحنين في قطن وسادتها , تحوّش بضع

قطرات مطر في دفترها وترسم وجهاً لفتى لابد سيأتي , تـُدغدغ أقدام أحلامها الحافية ,

ولا تنام قبل أن تنعس فيروز.

تقول أمي : رجف قلبي حين أصرّت ساره على شراء حذاء بكعب وهي لازالت تمشط

شعرها نصفين وتضع على كل ضفيرة شريطة حمراء . رجف قلبي حين شهقت بهذا

العمر تحت المطر.

على دِكة ليلٍ ضرير كانت تـُزيح البراءة جانباً وتفاجئني بما تـُخفي في دفترها ,

ولا تنسى أن تبلع ريقها جيداً فلا يبقى ما يدل على أسرار لا ترتدي الخجل.

نصحتها مراراً : أُبصـُقي أحلامك

قلت لها : كوّمي الحنين على عتبة بيتنا فـ مكب النفايات ينتظر كل صباح.

كنت أخبرها أن الهوى كدوائر الدخان , رائحته ستصل لأخي وتوقظ قابيل

النائم تحت جلده.

كانت تبتسم وتقول :سأتزوج عن حب !

مر عام ولم انتبه أن الفجر يجيء بموعده , مر عام وصار مـُنقار اخي أطول

وينعق علينا كل حين , كان يعرف أنني احمل نفس جينات ساره المـُختله بالحنين .

صرتُ أتعمد أن اترك باب غرفته مفتوحاً لعل نسمة ندم تهب عليه , أو اسمع

منه طقطقة أسف , فيتوقف عن طلي جهاتنا الأربع بالاشارات الحمراء !

يـُحاصرني فقدك يا ساره , مثلما تـُحاصرني عيون الناس , اتحاشاهم مـُسرعة كمن

يقطع خط سير مـُشاة , غولة نظراتهم تجعل عـُمر الوجع أطول وأشد .

تعربشوا سيرتنا , حتى الدواب في قريتنا تجرأ علينا و فتح بلعومه بكلام ينقصه الكلام .

ساره … ! وبعد ! .. ليس في الحكاية – بعد – فقط كـُفي عن الغياب , عن الموت ,

وتعالي.

ســـهيـر / الجـمـووح

17/7/2011

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى