“مفاتيح” الخطاب العربي

في اللاذقية ..استبدل بائعو الغاز أصواتهم وأبواق سياراتهم ، بأغاني السيدة فيروز..وبدأوا يطوفون الشوارع والحواري وصوت فيروز المحبّة، يتنفس بين الأسطوانات الفارغة..

و بدلاً من ان يطرب الناس لكيلوبترا، متذكرين صباهم ، وسحر الرحابنة ، وبدلاً من ان يستنشقوا الصبح من صوتها العذب..صاروا يسارعون الى فك الجرّة والهرولة تجاه اقرب بلكونة بعد ان بدد الغاز النيئ اي نفحة رومانسية رطبة في مخيلتهم ..
لو كنت مسؤولاً هناك لحاكمت الجميع؛ الباعة، ومتّخذ القرار، ورئيس البلدية، ورئيس الغرفة التجارية، ونقيب تجار الغاز، وكل شاهد عيان.. سمع وسكت..
فيروز التي نتظلل بصوتها ، فيروز ايلول والشتاء ، فيروز المفارق والقهوة..فيروز ليالي الشمال الحزينة..تنزل من عرش الرومانسية الى بكم دبل كبين..فيروز التي غنّت للحب ، للوطن ..للقدس..تصبح زاموراً ونداءاً شهياً للمطاعم الشعبية ومعاطات الجاج وعربات الفول النابت..فيروز التي غنت أشهر مسرحياتها وعلى جبينها اكليل غار ، كيف نجبرها في آخر العمر أن تحمل بيدها مفتاح غاز!!..
***
كان الأولى بهم ان يفكروا طويلاً قبل ان يختاروا نغمة مناسبة لبضاعتهم :

قطيع من اسطوانات متساوية الطول والعرض والمصير لا تتكلم الا تنفيساً بسيطاً،معدومة الملامح ،مدمنة على العنف والقمع، نصفها فارغ ونصفها مملوء بزفير لا يمكن نفثه إلا بيد ولي الأمر..لكل مشتر جديد يهدي البائع جُلد دائرية على مقاسات الفم لحفظ الأمان وتجنب الحرائق أو الانفجار …هل تحتاج هذه الى صوت فيروز؟؟..

انها بحاجة لخطاب مسؤول عربي !!

مقالات ذات صلة

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى