ماذا يعني اعتبار الحرس الثوري الإيراني “كياناً إرهابياً” ؟

ماذا يعني اعتبار الحرس الثوري الإيراني “كياناً إرهابياً” ؟
د.نبيل العتوم

رئيس وحدة الدراسات الإيرانية

مركز أمية للبحوث و الدراسات الإستراتيجية

سيعلنُ الرئيس الأميركي (دونالد ترامب) في بحر الأسبوع القادم أنَّ الاتفاق النووي بصيغته الحالية يُهدّدُ المصالحَ الأميركية، وأنَّ طهرانَ لم تتقيّد بروح هذا الاتفاق جملة ً وتفصيلاً .

مقالات ذات صلة

السيناريو الأمريكيّ المتوقّع أنْ يُلقي (ترامب) بالكرة في ملعب الكونغرس؛ ليناقشَ احتمالَ إعادةِ العمل بالعقوبات التي كانتْ مفروضة ً على طهران قبلَ كانون الثاني (يناير) 2016 م، وهو تاريخُ ما قبل إبرام الاتفاق بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد .

بموازاة ذلك تستعدُّ إيران لمواجهة هذا الإجراء الأحادي الجانب من خلال مجموعة من الإستراتيجيات من أبرزها لغةٌ تصعيديّةٌ تعتمدُ دبلوماسية (حافة الهاوية)، تعهّدتْ من خلالها بتسريع برنامجها النوويّ والصاروخي، ومزيد من بسط النفوذ، “وتغليظ الإيمان” باستهداف المصالح والقواعد الأميركية داخل نطاق جغرافي مساحته 2000 كم باعتبارها “أهدافاً مشروعة “، وبأنَّ الثمنَ الذي ستدفعهُ أميركا سيكونُ فادحاً، وهو ما تعهّد به شخصياً اللواء (محمد علي جعفري) قائد الحرس الثوري الإيراني .

بموازاة ذلك وهنا المفارقة الغريبة العجيبة أعلن الرئيس (روحاني)، ووزير خارجيته (جواد ظريف) بأنّ طهرانَ لنْ تكونَ البادئ في الانسحاب من الاتفاق النوويّ، و أنّها لن تقديم هدية مجانية لـــــ(ترامب)، إلى جانب الرّهان على تأييد الدول الضامنة للاتفاق النووي للموقف الإيراني . المثيرُ في كلّ ذلك إعلان قائد الحرس الثوريّ أنَّ الحرسَ ينسّق سياسيّاً وإعلامياً مع مؤسسة الرئاسة ووزارة الخارجية بما يضمنُ عدم التضارب في المواقف، وما يجري فعلياً هو خلافُ ذلك تماماً.

بالطبع ستستغلُّ إيرانُ العقوبات الأميركية الجديدة؛ لتكرار أسطوانتها المشروخة بالردّ المؤلم والمؤثر، ولكنّ التجربةَ معَ إيران علمتنا أنّها حينَ يهدّد رجالُ الدولة والثورة والعسكر هناك بحرق تل أبيب، وتتوعّدُ القواعدُ الأميركية في المنطقة، إنّما يضربُ وكلائها في سوريا واليمن والعراق والبحرين والمنطقة الشرقية ولبنان، لقتل المدنيين الآمنيين العُزّل من الأطفال والشيوخ والمدنيين ….وصواريخ الحوثيين العبثية أكبرُ مثالٍ على ما يجري .

لكن ماذا يعني أنْ يُدرج الرئيسُ الأميركي «الحرسَ الثوريّ» في قائمة الكيانات الإرهابية، وهلْ سيسهم هذا الإجراء بنقل المواجهة إلى مرحلة ومستوى جديد وغير معهود؟.

لا شكّ بأنَّ الدولةَ الإيرانية تتحسّبُ من إدراج «الحرس الثوري » ككيان إرهابيّ؛ حيثُ لا حظنا أنّ المواقفَ الإيرانية زادتْ حدّتها بشكلٍ لافتٍ معَ هذا الإعلان، على خلاف الردود التي وصلتنا من طهران، واتسمت بشيءٍ من الدبلوماسية على أثر عزم واشنطن تمزيق الاتفاق النووي على اعتبار أنّهُ أسوأ اتفاق في التاريخ على حدّ زعم الرئيس (ترامب) .

لا شكَّ بأنَّ تصنيفَ الحرس الثوريّ ككيانٍ إرهابيّ معناهُ تقليصُ دور وهامش حركة إمبراطورية الحرس الثوريّ الذي يديرُ مؤسسات اقتصادية عملاقة عبرَ مؤسسة “خاتم الأنبياء” التي تسيطرُ على أكثر من / 915 / مؤسسة تجاريّة شبه حكومية ومساهمة في كلّ المجالات من قطاعات الطاقة إلى التعدين إلى الاتصالات إلى المقاولات إلى تجارة الجملة والمفرق للسلع الأساسية والإستراتيجية، ممّا سيجعلُ جُلّ هذه القطاعات والشركات التي تديرُها تحتَ مجهر العقوبات .

هذا أيضاً معناهُ أنّهُ سيكونُ بمقدور القواتِ الأميركيّة استهداف قطاعات الحرس التي تتشكّل من قوات بريّة وبحريّة وجويّة داخلَ إيران وخارجها؛ خاصّةً داخلَ الأزماتِ الإقليمية، ولا سيّما في سوريا، والعراق، واليمن .

وهذا يعني كذلك أنَّ بمقدور القوات الأميركية وأجهزة الاستخبارات استهداف قادة الحرس الثوريّ، وتوجيهِ ضرباتٍ إلى كلّ مكامنِ القوّة الخاصّة التي يديرُها ويصنعُها ويوجهها ويخزنها، والمتعلقة بالقطاعات الإستراتيجية من البرامج الصاروخية والفضائية والنوويّة والجويّة العسكريّة والمدنيّة، والمسؤولة عن شحن السلاح والمليشيات إلى مداخل الأزمات الإقليمية .

هذا أيضاً معناهُ استهداف تجارة الحرس الثوريّ، كيفَ لا، وهو المسؤول أيضاً عن كبرى عمليات تجارة المخدّرات وغسيل الأموال عبرَ أفغانستان والعراق إلى العالم، كذلك لا ننسى تجارة الأسلحة بين الدول والمنظمات الإرهابية، إلى جانب قانونية استهداف أميركا للمليشيات التي قامتْ إيرانُ بإنشائها والإشراف عليها وتمويلها، والتي تعيثُ خراباً وتدميراً، وفي مقدمتها (حزب الله) بمختلف فروعه، والحشد الشعبيّ، والعصائب، والنجباء، وزينبيون، وفاطميون …. والقائمة تطول ….

المتابعُ للإعلام الإيرانيّ يلاحظُ تراشقاً غيرَ مسبوقٍ، عنوانه الهجوم على شخص الرئيس (روحاني)، والتيّار الإصلاحيّ بتوجيه من الحرسِ الثوريّ، واتهامه بالتفريط بالمصالح الإيرانيّة، وبالحرس الثوري، كيف لا ، وهو الذي طالبَ بكفّ يد حرّاس الثورة عن الاقتصاد والسياسة، وتوصيفهم بالحكومة التي تحملُ مِدفعاً، ومطالبتهم العودة إلى الثكنات، معتبرينَ أنّ العقوباتِ الأميركيّة المقترحة تصبُّ لمصلحة الإصلاحيين، ويُسهل من مهمتهم في الإنقلاب على الثورة، وهذا ما لن يسمحَ الحرسُ الثوريّ بتحقيقه، وأنّ ثورةً شعبيّةً ستحدُثُ، وتطيحُ بكلّ العملاء والمتآمرين معَ الاستكبار العالميّ .

المؤكّدُ أنّ استهدافَ «الحرس الثوريّ » معناهُ قطع رأس الأفعى؛ لأنّهُ هو الضامنُ للنّظام ضدّ أيّ محاولاتٍ للتغيير من الداخل والخارج، وكانتْ له اليد الطُّولى في إحباط المحاولات المتعددة لإضعاف بالنظام الإيرانيّ، وكانَ أخرها الربيع الإيرانيّ في العام 2009م، منْ هنا فإنَّ إدراجَ هذه المؤسسة في قائمة المنظماتِ الإرهابيّة سيضعفُ حتماً النظامَ الإيرانيّ برمَّته، ويسهل الإطاحةَ بهِ .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى