قلعة الكرك تعيد ميشع المؤابي الى خارطة السياحة العالمية

تستعيد قلعة الكرك تاريخها العريق وألقها ومجدها التليد ، لتؤكد حضورها على خارطة السياحة العالمية باعتبارها احد الشواهد على العديد من الحضارات التي تعاقبت على المنطقة ، بدءاً من الفترة المؤابية عام 850 قبل الميلاد وحتى تاريخنا المعاصر.

خلد ميشع ، ملك مؤاب ( القرن التاسع قبل الميلاد ) انجازاته في مسلته المشهورة (مسلة ميشع ) التي تؤكد ان قلعة الكرك مؤابية بنيت في عهده الحافل بالانتصارات على الأعداء، ليقف على أحد أبراجها العالية مخاطبا الشعب المؤابي (انا ميشع ابن كموش ملك مؤاب ، ملك والدي على مؤاب ثلاثين عاما ، وأنا خلفت والدي في الملك ، أنا الذي بنى المكان المقدس في ( كركا ) ثم بنيت سور الغابة وسور التل وبوابها وابراجها وقصر الملك وحفرت بركتين للماء وسط المدينة نوأنا حفرت القناة الى كركا ، وأنا حكمت مئة مدينة ضممتها الى البلاد ، “مسلة ميشع” (ترجمة هارنج لانكستر مدير آثار الأردن سابقا).

وتستمد قلعة الكرك أهميتها التاريخية من ضخامة البناء ومن وموقعها الاستراتيجي على أطراف الصحراء حيث تتربع على تلة يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر 960 مترا ، ويصفها ياقوت الحموي بأنها “قلعة حصينة على جبل عال تحيط بها الأودية السحيقة من كل جهة” ، وقال عنها ابن بطوطة إنها “حصن الغراب”.

يقول مساعد مدير آثار الكرك ساطع مساعده ان القلعة شهدت عصرها الذهبي في العصرين المملوكي والايوبي عندما جعلها أمراء الدولتين عاصمة لملكهم بعد ان آلت اليهم بعد الحروب الصليبية حيث بنوا المدارس ودور العلم ومراكز الاستشفاء والأبراج الجديدة لتحميها من هجمات الأعداء ،مشيرا الى نقش على أحد أبراجها في عهد الظاهر بيبرس.

وقال ان القلعة شهدت أحداثا تاريخية كبيرة فرضتها طبيعتها الحصينة باعتبارها حصنا يلجأ اليه الحكام في زمن الشدائد حيث كانت الحصن المنيع للمماليك ضد هجمات الأعداء.

وأوضح مساعده ان القلعة بناء ضخم مستطيل الشكل طوله من الجهة الشرقية(220) مترا ومن الجهة الغربية (240) مترا ومن الجهة الجنوبية (85) مترا أما الجهة الشمالية التي تقع فيها البوابة الرئيسية فطولها(135) مترا.

وأوضح أن القلعة تتألف من 6 طوابق تشتمل على اسطبلات ومسجد وكنيسة تعود للفترة الصليبية ، وبرج الحمأة المملوكي وبيت الأمير ومعصرة وفرن وآبار لتجميع المياه وبركة مياه اضافة الى العديد من الأبراج والعناصر الدفاعية اضافة الى وجود مداخل سريًة احدها يطل على منطقة وادي الفرنج ، لافتا الى احاطة القلعة من جميع الجهات بواجهات دفاعية طبيعية باستثناء الجهة الشمالية التي حفر لها خندق في الصخر يوصل القلعة بالمدينة ، ويدعم الخندق برجان.

وقال مساعدة ان اهمية القلعة تدنت في نهايات الدولة المملوكية وتعرضت لغزوات القبائل البدوية حيث لم تكن القلعة ومنطقة الكرك تحت أي سلطة مركزية في تلك الفترة حتى جاء العهد العثماني الذي سيطر على القلعة وجعلها حامية تركية وأعاد استخدامها كمركز للجند.

وبين ان القلعة لم تجر لها أي عملية ترميم منذ الفترة العثمانية وحتى وقت قريب الى أن أكدت دراسة حديثة لسلطة المصادر الطبيعية حاجتها الى إعادة ترميم ، حيث بدأت الجهات الرسمية بعملية ترميم بدأتها منذ العام 1995 وما زالت جارية حتى الآن .

ويذكر الكركيون أن قلعتهم كانت شاهدة على أوسع عمليات الإعدام التي تعرض لها أهالي الكرك اثناء “هبة الكرك” في العام 1910 حيث كان جنود الاتراك يقذفون بالثوار من على أسوارها وأبراجها العالية في الوادي السحيق. ويعد متحف آثار الكرك الذي تأسس عام 1981م داخل قلعة الكرك من أهم المتاحف العلمية كونه يشير الى العديد من الحضارات العريقة التي مرت بها القلعة والمنطقة،حيث أقيم في قاعة ذات سقف برميلي الشكل تعود للفترة المملوكية كانت تستخدم كعنبر للجند.

واشار مساعدة أنه مع بداية مشروع تطوير القطاع السياحي الممول من البنك الياباني وبإشراف الوكالة اليابانية للتعاون الدولي ، تم أدراج واختيار متحف آثار الكرك ليكون من ضمن المشاريع التي سيتم تطويرها وتحديثها ، وتم تطوير المتحف من حيث وسائل العرض والإنارة وإضافة المجسمات ووسائل العرض من أجل تقديم المعلومة الاثرية والتاريخية المبسطة للزائر عن مدينة الكرك والمواقع الاثرية المنتشرة فيها وحفظ وتوثيق ودراسة القطع الاثرية الموجودة في المتحف بهدف تقوية وتوثيق العلاقة ما بين المتحف والمجتمع المحلي بمختلف فئاته من خلال إقامة الانشطة التعليمية والتدريبية والمحاضرات ونشر الوعي الاثري.

وقال ان المتحف يشتمل على صالة رئيسة متخصصة للحديث عن تاريخ وجغرافية مدينة الكرك تحتوي خزائن عرض للقطع ألأثرية من مواقع مختلفة من محافظة الكرك مرتبة حسب التسلسل التاريخي من العصور الحجرية وحتى العصور الاسلامية المتأخرة ، كما إشتملت الصالة على مجسم لمدينة الكرك يستطيع الزائر من خلاله تكوين فكرة واضحة عن طبوغرافية وتضاريس مدينة الكرك وكيف ساعدت هذه التضاريس على أعطاء المدينة والقلعة موقعاً دفاعياً حصيناً على مر العصور.

وبين ان المتحف ابرز قلعة الكرك خلال فترة السلاطين الايوبيين والمماليك الذين حكموا الكرك وأسماء نواب السلطنة وضم صورا لأبراج المدينة والقلعة وأخرى عن أساليب الحرب والقتال في العصور الوسطى وأدوات الحصار والحرب التي استعملت في القلعة اثناء الحروب الصليبية والجهود التي بذلها المسلمون من أجل إستعادة السيطرة على الكرك، ويعرض أهم الاسلحة المملوكية مثل الدروع وحجارة المنجنيق والقنابل النارية، كما يشتمل على خارطة تمثل طرق التجارة وطريق الحج خلال العصور الوسطى وعلى نموذج لقبر من باب الذراع ، لافتا الى احتواء المتحف على حوالي عشرة الاف قطعة اثرية مختلفة ما بين فخاريات وزجاج ومعادن ونقوش .

وللتعريف بالقلعة وتاريخها العريق أشار المساعدة الى وجود مركز للزوار يشتمل على نشرات تعريفية بالقلعة بعدة لغات اضافة الى توفير أجهزة الدليل الصوتي.

(بترا)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى