في فشل الحكومة و قرب رحيلها / عبد الفتاح طوقان

في فشل الحكومة و قرب رحيلها

إن فشل بعض من الحكومات الاردنية ليست قضاءآ و قدرا ، بل هو نهج متبع بحاجه الي فهم اسبابه و استيعاب العبر و الدروس منه ، و دراسه تفادي حدوث ذلك مستقبلا لتجنب الهاوية.، و الحكومة الحالية ليست الاستثناء*بل المثل .( *المصدر:تصريحات اعضاء من مجلس النواب الاردني).

و ابسط معايير الفشل يقررهما الشعب ، و الاعتراف الدولي الناتج عن مؤشرات المديونية و حجمها مقارنة بالدخل القومي ، اي الاقتراب من الافلاس ، لا صفحات “المطبلين و الهتيفة” في الترسو السياسي و لا تصريحات رئيس الوزرآء و الناطق الاعلامي.

و التصريحات منها كلمات رنانة في خطابات ومقابلات و جمل في الردود علي السادة النواب مثلا استخدام شرعية الدولة، واحترام حقوق الإنسان، وسيادة حكم القانون، ومظالم المجموعات، والتنمية غير المتوازنة و ترشيد الانفاق ، و محاربة الفساد و غيرها كمفردات و مسكنات لالام الشعب ، و لكنها ليست الحلول لان كما يقول المثل “الشمس لا تغطي بغربال “ حتي لو صدحت كل ابواق الاعلام و مؤسسات التلاعب بالحقائق لتظهر رئيس الوزرآء بأنه “شمشون الجبار” ، الفشل و التقصير واضح و الا لماذا التعديل ؟ و الحديث عن التقصير ؟. اليس الحكومة بوزآرئها تتحمل المسؤولية بكامل اعضائها ؟ ، ثم اليس الدرس الاول في القيادة في كلية اركان الحرب الامريكية :” لا يوجد جندي فاشل بل يوجد قائد فاشل “. ،و اود الاضافة هنا أن القيادة ليست قبعة سوداء تمكن من يرتديها قيادة سفينة في اعالي البحر ،

مقالات ذات صلة

علي العكس تماما القيادة فن و علم و دراسة رؤية ، وكما يتداول اعضاء من مجلس النواب الاردني و الشعب عن القبعة التي يرتديها الرئيس ، نورد هنا مقولتهم عن مرتدي قبعة رئيس الوزراء :”الرئيس باختياراته لوزراء ضعاف فشل و بتقصيره ووزراء حكومتة سيفشل الدولة الاردنية”.

و اقصد هنا أن الفشل الاقتصادي هو من أعراض وباء فساد سياسي وهو سبب رئيس للأزمة التي تمر بها البلاد، و لايزال الطاقم نفسه القديم محلك سر ، وهم مستعدون للمخاطرة بتحطيم الاقتصاد و تزيين دفاعاتهم عن قرارتهم الخاطئة لأن الحفاظ على الوضع الراهن يفيدهم، متربحين من وجودهم ضمن النخب الحاكمة بلا رقابة او متابعة ، يجدد لهم و لابنائهم المواقع الوزارية جيلا بعد جيل ، معتقدين ان الشعب لا يعي ان المشكلة الرئيسة منهم و من تواجدهم في السلطة و من اقصائهم لاهل الخبرة و الوطنيين الغيورين علي مستقبلهم و مستقبل الممملكة. انها قصة الدمي في مسرح العرائس حيث تبدلت الادوار و اصبح النظر الي الشعب باعتباره دمي في لعبة سياسية خيوطها و مفاتيحها عواقبها وخيمة. هئا نضع اليد علي الجرح.

و لمزيد من الشرح ، يمضون قدما في اعلان اجراءات التقشف و فرض الضرائب علي الشعب ، واضعين امام الجميع انها مشكلة المواطن دونهم باعتبارهم ضمن منظومة التكتل النخبوي ، غير مهتمين إلا بإنقاذ انفسهم و البقاء في مناصبهم الحكومية مهما كان الثمن، و جل حديثهم عن الأعراض المالية الاردنية وليس عن أزمة الاردن الحقيقة وهي السياسية و الفساد.

و من احد اهم موشرات الفساد هو ان الحكومات المتتالية لم تعط أي اهتمام للإصلاح السياسي مثل الحاجة إلى إلغاء المادة التي تحمي رئيس الوزرآء و الوزرآء من الملاحقة القضائية ، و حق النواب اسقاط الحكومات فعلا من قبل مجلس النواب دون تدخلات امنية لمنع حدوث ذلك في حماية مقنعة للحكومات مفسدة لابسط قواعد الديمقراطية و حق الشعب في ادارة شؤونه باعتباره مصدر السلطات. و الاهم غياب حرية النقد و الانتقاد و محاربة اصحاب الفكر و كل من يعارض رئيس الوزراء و من تبعه، ناهيك عن اغتيال الشخصية.

باختصار تم تقليص الدستور والاعتداء علي الحريات في ان واحد ضمن صمت برلماني عجيب غريب مؤيد حيث قدمت التجربة السياسية الخام المشهد الميلودرامي ولكنها كانت كافية و توضيحية مع مصباح وهاج ضؤه اظهر الفشل للحكومات مما بلا شك سينعكس علي المستقبل . و هنا الجرح الثاني.

مملكة الاردن بلد عظيم و شعبه طيب صبور وفي للملك و الهاشميين ، و كانت مضرب المثل و كادت ان تصبح سياساته نماذج إيجابية في الشرق الاوسط عبر تصريحات و تغريدات مختلفة تنم عن اتباع سياسات ديمقراطية وإصلاحات تشعر المواطن بأن الحكومات المتعاقبة حريصة على مصالحه، لكن الفساد السياسي في الاختيار للوزراء و المسؤوليين ، و فساد الادارة ، و غياب ملاحقة الفاسدين كان السد المنيع ضد التقدم و ادي الي المديونية و السخط الشعبي.

أن نجاح الحكومات يتم على أبسط شكل من اشكال مجلس الوزراء يكمن في جسد متجانس قوي و متزامن مع حركة بندول منظومة ناجحة تضم البرلمان بشقيه بعيدا عن طريق تغليف ولف وزراء و ربطهم بمقدمة القطب السياسي لرئيس وزراء بلا رؤية استراتيجية واضحة قابلة للتنفيذ ، يماثل تواجده علي رأس الحكومة وجود شريحة في هاتف قديم دون خط، غير فاعلة و تؤدي الي قطع الاتصال مع الشعب و المستقبل و تدمر الواقع المضمون للبلاد.

حكومات بدت انها غير رامية إلى تيسير انطلاق عجلة العمل الحقيقي وبحسن النية ، و مجلس وزراء مغلق على نفسه و مغلق انفاس الشعب ، يصدر قرارات من غرف مغلقة تمس القوت اليومي لحياة المواطن بلا هواده ، و ابعد ما يكون عن العمل المشترك للتيار الجماعي ، يحكمه حسب رأي البعض الفردية والاستعلاء ، ويعتد بأنه قادر علي تمرير ما يريد من ضرائب و موازانات وغيرها من القرارات و الاستخفاف بقدارت الشعب الصامت و غير متواصل مع رغبات الناس و حاجاتهم.

لذا إذا اعتبرنا الآن أن سلطة مجلس الوزراء لدفع مثل هذا الدينامو الضرائبي الافشل ستكون متناسبة مع قرارات صندوق النقد الدولي و متطلباته تقريبا في مواجهة القوة البديلة للاستثمارات و المشاريع المغيبة و الاستراتيجيات المفقودة ، و اغراق للشعب في حالات الافقار و الاستدانة ، لهذا السبب وحده الفكر المحرك لمجلس الوزراء يجب أن يعكس بسرعة اتجاهه او أن يرحل ، وهو مادفع مؤخر بمطالبات “رحيل الحكومة” بآكملها في سيناريو متوقع.

aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى