غزة تتعلق من الغرق برأس الثعبان / عمر عياصرة

غزة تتعلق من الغرق برأس الثعبان

من استمع لخطاب اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس، وهو الخطاب الاول له بعد توليه هذه المسؤولية، لاحظ حرصه على عدم ذكر اسم محمد دحلان تحديدا حين قال إن ثمة توافقات جديدة تلوح بالافق.
من هنا يمكننا القول ان «حماس القيمية» تشعر بإحراج شديد من اتفاقها مع القائد الفتحاوي المفصول محمد دحلان، فالماضي الصعب بينهما ولغة الشيطنة المتبادلة تجعل الحرج مبررا وباديا للعيان، ولا سيما ان حماس من التنظيمات الفلسطينية الاكثر تأثرا بمواقف الرأي العام.
لكن «حماس السياسية البراغماتية» تراه اتفاق ضرورة، فالتوقيت الذي تعيشه الحالة الفلسطينية والاقليمية لا يخدم الحركة، ويضيق عليها الخناق اكثر فأكثر، ومما زاد الطين بلة، ازمة قطر وسلوك ابو مازن الاخير تجاه خنق غزة.
حماس في ظل المعطيات المتوافرة، لم يكن امامها الا احد خيارين، اما الذهاب لحرب رابعة قاصمة وعاصفة، لا نعرف نتائجها، قد توفر فرص جديدة للخروج من المأزق وعلى النقيض قد تكون فيها النهايات غير السعيدة.
اما الخيار الاخر، فقد تجسد في البحث عن بدائل وفرص جديدة يمكن استثمارها، فكانت مصر مكانا مناسبا في لحظة اقبال معقولة.

مصر، رغم موقفها المعادي للاخوان وحماس، الا انها تعيش في سيناء أسوأ كوابيسها، وترى امنيا انها بحاجة لمساعدة حماس في ضبط الحدود وعدم انفلات الواقع هناك.
اضف لذلك رغبة مصرية، وربما اماراتية، بنزع ورقة حماس من يد القطريين والاتراك، وحتى نزيد من الشعر بيت آخر، هناك موقف مصري من عباس ورغبة بإعادة محمد دحلان الى الواجهة القيادية في فتح.
بالمقابل غزة كانت تختنق، لن تحتمل المزيد من الحصار واغلاق معبر رفح، الضغوط لا يمكن الا ان تذهب بالقطاع الى حرب قاتلة، هنا تعقلن الحس الحمساوي، والتقط الفرصة، وآمن بالضرورة، وكانت التوافقات المبهمة الى الان، لكنها باعتقادي ستعطي القطاع فرصة التقاط الانفاس.
نعم غزة تعلقت من الغرق برأس الثعبان، وهذا قد لا يعجب البعض، وهذا يفسر خجل حماس وتأنيها بالقول، لكنه الواقع والسياسة والضرورات التي يجب تقديرها بدقة ومنطق وانصاف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى