عراضة وتعليم

مقال 6-8-2017 الأحد
النص الأصلي
عراضة وتعليم
لو كنت صاحب قرار ،لأمرت بسحب وإتلاف جميع الأغاني التفاخرية “اللا وطنية” التي تدّعي أننا “الأقوى والأهيب والأكبر والأفهم والأعلم ” في العالم ، والتي تهدد كل من اقترب من ساحتنا لأننا سنريه الويل،ومحاكمة كل من كتب ولحن وأدى وسمع هذه الأغاني بتهمة ترويج “المخدرات” ..فسماع أغنية تصوّرنا كوحوش ضارية وقوة مرعبة في العالم لا تقلّ خطورة عن ترويج وتعاطي “الجوكر” فكلاهما يسبب الهلوسة والخلط بين الأبعاد والمسافات والقدرات الذاتية.
وأنا أقرأ المؤشر العالمي لترتيب الجامعات أيقنت أنه كما تكون النهضة شاملة فإن الهبوط شامل أيضاَ..القوّة السياسية تسندها القوة العسكرية وهاتان القوّتان لا تتأتيان الا إذا كان هناك اقتصاد قوي وتعليم قوي و نظام صحي قوي وقطاع صناعي قوي ورؤية نمو وتقدم شاملة تجعل باقي القطاعات تتساوى في القوّة رغماً عنها..
بحسب موقع “”ويبومتريكس المتخصص بترتيب الجامعات فقد سيطرت جامعات “الكيان الاسرائيلي” على ترتيب أفضل الجامعات في الشرق الأوسط فاحتلت المراتب الأربعة الأولى: ( جامعة تل أبيب، الجامعة العبرية ، تخنيون، معهد وايزمان للعلوم ) تلتها جامعة سعودية واحدة ( جامعة الملك سعود) ثم عادت (اسرائيل) بجامعتين لتكون حصّتها سبع جامعات من أصل أفضل عشرين جامعة في المنطقة..وتقاسمت ايران وتركيا الترتيب الثاني بواقع خمس جامعات والثالث جاء للملكة السعودية بينما جامعاتنا خرجت من “المولد” بلا “قمبز”!.
**
لماذا لا نسأل أنفسنا هذا السؤال..كيف لـ”كيان” لا تتجاوز مساحته مساحة محافظة في أي دولة عربية أن يحتل ثلث الجامعات المتقدمة في المنطقة كلها..ولماذا لا يأخذ مجلس النواب الأردني قسطاً من الراحة من السفرات والهوشات ومساومات المباطحة وبورصة الملوخية ويسأل وزارة التعليم العالي..لماذا لم نكن من ضمن أفضل عشرين جامعة في الشرق الأوسط؟ ماذا نحتاج وماذا نريد وكيف نصل؟؟..كم جامعة أردنية تطبّق المعايير الدولية في النشر ؟ كم جامعة تخصص من موازنتها للبحث العلمي؟؟ وهل هناك بحث علمي حقيقي في جامعاتنا؟؟..وماذا يحكم اختيار رؤساء الجامعات لدينا..الكفاءة أم المحاصصة والشيخة ودرجة الولاء!.
عندما نتخلّص من “ابحاث بيت الدرج” نصبح من ضمن أفضل عشرين جامعة في المنطقة ، عندما نلغي فرق “العراضة السورية” التي تستأجر في حفلات مشاريع تخرّج لم يكتب فيها الطالب حرفاً واحداً وإنما مكاتب الخدمات الجامعية نصبح من أفضل عشرين جامعة في المنطقة ، عندما لا تباع رسائل الماجستير والدكتوراة في نفق الجامعة بين 3 الى 5 ألاف دينار نصبح من أفضل 20 جامعة في المنطقة..
قالت لي طالبة أنها تكمل مرحلة الماجستير في الصحافة والإعلام في “…” وعندما سألتها ان كانت ستختار الرسالة أم الشامل ..ردّت : ” طبعاً الرسالة”..سألتها عن موضوع الرسالة..قالت بالحرف الواحد: لا أعلم ..”بعطيه لمكتبة بتعمل لي الرسالة وانا بس بقرأها قبل المناقشة بيوم يومين ليش أضيّع وقتي”!.

عندما يصبح البحث مضيعة للوقت..حتماً لن تجدوننا ضمن أفضل ألف جامعة في المنطقة.
وغطيني يا كرمة العلي بلحاف طبقتين من “ويبومتريكس”!

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. ان تكون جاهل افضل من ان تكون نصف متعلم ..
    نعلم ان جامعاتنا فيها الكثير من الاخطاء لكن هل يستطيع الحديث من في فمه ماء ….!

  2. عندما يكون الرجل المناسب في المكان المناسب يحق لنا أن نتساءل لنجد الاجابة …طالما أن الحابل مختلط بالنابل والقوانين لدينا لا تردع ذبابة سنبقى من دول العالم العاشر تحت الصفر …

  3. فعلا بلد كالأردن موارده الأساسية في قدرات سكانه على التعلم والتعليم والبحث العلمي يصل إلى هذا الحد من التراجع، والمشكلة أن مكاتب الخدمات الجامعية وصلت إلى كل التخصصات من الشريعة إلى العلوم البحته، ويقال أن بعض أساتذة الجامعات يتعاونون مع مكاتب الخدمات وأن جزءا من الثمن المدفوع يذهب إلى جيوبهم، هذه الدرجة من العيب لم تشهدها أي من الدول المنافسة، وأنت تقرأ الرسائل الجامعية فتجد أنها تكرار ممل لأشياء متداولة وليس فيها من جديد فتشاهد المستقبل الباهت أمام ناظريك. على مثقفينا البحث عن حل.

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى