شعب موزاي / يوسف غيشان

شعب موزاي

لست أنا ، بالتأكيد- من أدخل نظام الموازي على الجامعات الرسمية ، فهو في النهاية نظام جباية ممتاز يشتغل على اسلوب تقليل عدد المقاعد المسموحة للطلبة عن الحد المطلوب ، ثم بيع البقية منها على نظام الموازي ، لكن بأسعار أعلى بكثير من السعر السائد للساعة، ويتيح في ذات الوقت للراغبين في الدراسة من الأجانب أو الأردنيين الذين لم يسمح لهم معدلهم بالتنافس على المقاعد الرسمية ، يتيح لهم دخول الجامعة ، مقابل دفع مصاري اكثر بكثير .
وأنا – ودفعا للبلاء عن عيالي- فقد قررت أن اقترح على الحكومات الأردنية، أو من ينوب عنها من أصحاب الحل والربط ، نقل موضوع الموازي الى الحكومة أولا، ثم تعميمه على جميع الدوائر الحكومية والشركات والهيئات التابعة لها ، تعميما للفائدة ،ودعما هائلا للموازنة ، بدون تكاليف .
مثلا ، نحن شعب مستوزر في أكثره ، وهناك الكثير من المواطنين الذين يرغبون في حمل لقب معالي ، وتنحرق اعصابهم عند كل تعدير أو تشكيل وزاري ، لعلهم يفوزون بحقيبة ما ، مهما كان نوعها، ومهما مانت حشوتها …المهم قصة المعالي ..والجواز الأحمر ، وتجاوز الأدوار في المؤسسات الحكومية ، والتوسط للأصدقاء والمريدين ..وخلافه من مقتضيات الوجاهة الوطنية .
تخيلوا أن نفتح باب الموازي ، مقابل أن يدفع كل وزير موازي راتب وزير عادي للدولة – وليس العكس- ، بالتأكيد ستجني الدولة الملايين شهريا ، بدون اي كلفة ، فالوزير الموازي ، هو وزير بلا صلاحيات ولا مكتب ولا وزارة ، هو فقط يحصل على لقب وزير (مواصلات مثلا) لكن سيكون هناك وزير مواصلات فعلي ، وصاحبنا الموازي هو فقط يتمتع بالحقوق المدنية ، لكن بلا حقوق سياسية او سيادية لجنابه، عدا الحقوق التشريفية والتسهيلية التي يحصل عليها من لقب المعالي. ..طبعا يطير الوزير عند التشكيل الحكومي الجديد، ويضطر الى إعادة شراء منصبه مرة اخرى او يشترية آخر…والأموال في جيب الخزينة.
بعدها يتم تعميم التجربة الى المناصب العليا الأقل في الدولة ..أمين عام ..مدير عام ….رئيس هيئة عين أذن انف حنجرة طنجرة …. وكل هذه المناصب فخرية يدفع المواطن مقابلها ، لكن اقل مما يدفع على منصب الوزير ، تماما مثل من يدخل طب موازي ويدفع مبلغا كبيرا للساعة ، ومن يدخل “ادب عربي” موازي، ويدفع اقل بكثير دارس الطب ….وهكذا تكون اسعارنا تناسب الجميع .
ويمكن النزول في نظام الموازي الى رئيس فرع ورئيس قسم ومدير وردية …وفرّاش، حتى نصل الى عامل وطن موزاي إذا كان ما يزال هناك من يرغب في وظيفة ما ..ولو على سبيل القضاء على البطالة والتخلص من لقب (عاطل عن العمل)، حتى لو كان الرجل يدفع مقابل عمله …..طبعا أنا متأكد بأن كارل ماركس (رضي لينين عنه) كان سينتحر لو سمع بإقتراحي هذا: أن يدفع العامل لرب العمل ، وكان سيغضب مني اكثر بكثير هو غاضب من خالد كلالده، لأني ببساطة أكون قلبت نظرية فائض القيمة فوق نافوخه.
جربوها وتمتعوا…اذ بعد أن تنحج طريقة الموازي في القطاع الحكومي، ننقلها بكل سلاسة الى القطاع الخاص ونتدرج فيها على طريقة (درّج يا غزالي)، حتى نصل الى منصب كاتب ساخر موازي ….. وهكذا سيصبح عندنا شعب موازي( حرّينكو).
وتلولحي يا دالية.
ghishan@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى