“النُخب ” / سهير جرادات

“النُخب ”
سهير جرادات

من النعم التي يتمتع بها الاردن ، وجود نُخب في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأكاديمية والحزبية والنقابية، وحتى من قادة الرأي وشيوخ العشائر .

و النُخب مصطلح يطلق على مجموعة صغيرة من الأشخاص أو طبقة معينة بغض النظر عن توجهاتها الدينية أو الفكرية أو السياسية أو الحزبية ، وبسبب نفوذها السياسي أو مواردها المالية تمارس سيطرتها على الآخرين .

عند الحديث عن النُخب، وبعيدا عن المصالح أو الأفكار التي تحملها، تستوقفنا مجموعة من الأسئلة : من يصنع هذه النُخب ؟ وما العوامل التي جعلت من هذه الفئة نُخبا ، خاصة في ظل غياب الحركة الحزبية ؟ وما الأسباب التي حولت هذه الشخصيات الفردية إلى شخصيات مؤثرة ، بصرف النظر عن مكانتها الوظيفية ، فليس شرطا أن تكون هذه الشخصيات في مواقع قيادية أو سلطوية ، حيث تشهد ساحتنا نُخبا لها تأثيرها على الرأي العام، مع أنها بعيدة عن السياسة، وقد يكون تأثيرها من خلال ما يحيط بها من قوى مالية أو فكرية، أو مجتمعية .

مقالات ذات صلة

ما يميزنا في الاردن أننا نمتلك معايير خاصة ، تجعلنا نتفرد في صناعة النُخب من حيث اسهام الحكومات ومؤسسات الدولة في تعظيم الكرسي الوظيفي ومن يجلس عليه ، واختيار من يجلس عليه من النُخب أو من التابعين والموالين، لتلك النُخب التي تحتل الكراسي والمناصب العليا في الدولة ، فنجد في الصفوف المتقدمة من هم اتباع أو أقرباء أو أصدقاء أو أنسباء النُخب الكبيرة المتركزة في الصفوف المتقدمة ، كالوزراء ، الأعيان، الأمناء العامين ،المدراء العامين ، وحتى شيوخ العشائر ، “إلا من رحم ربي” .

ولا ننكر أن هناك من دخل نادي النُخب السياسية عن طريق البرلمان ، أو قطاع المال والأعمال ، أو العمل النقابي أو الصحافي ، أو عن طريق العوائل والعشائر التي يخصص لها “كوتات” في التعيينات ، ويعلو صوتها في حال تنحيتها وعدم دخولها للمجالات السياسية واختيارها من بين النُخب ، كما حدث تماما في حكومة النسور الأخيرة؛ عندما احتجت إحدى العشائر الاردنية عن عدم وجود تمثيل لها في الحكومة، معتبرة أنها من أكبر العشائر ، وجاءت الاجابة على لسان ناطقها – مداعبا – بأن هناك تمثيل لها من خلال النسب حيث يوجد أربعة وزراء من الحكومة من أصهار هذه العائلة ..!

في الاردن تحافظ بعض العوائل ومنذ سنوات على ظهورها السياسي ، وأصبحت أسماؤها وصورها مألوفة للجميع ودون إبداء أي اعتراض وكأنها مواقع مخصصة لها… لا يجادل عليها .

الجميل في هذه النُخب أنها تبحث عن المصالح الشخصية وما يهمها مكانة العائلة والأقارب ، ووصل الأمر إلى المجاهرة في إحالة العطاءات الحكومية للعائلة ، وتعداها إلى حد” التلزيم “، ما يعود عليهم بالملايين من هذا الامر .

وهناك من يزج بهذه الشخصيات إلى نادي النُخب ليس حبا بها ، بل نكاية بـ “نخبوي” خالفهم وخرج عن طريقهم ، فيتم استمالة الكنة أو الصهر، لكسر شوكة هذا النخبوي المنشق ، أو المحاولة للقضاء على “شعبويته” أمام قواعده الشعبية .

ويبدو أن هناك استراتيجية رسمية لاحتواء الكثيرين من السياسيين وإغرائهم بالسلطة والمال والجاه والنفوذ ، وخاصة أولئك الذين يتنقلون بين المعارضة والموالاة ، والمشكلة أنهم يصدقون أنفسهم ويعيشون الدور بأنهم من نخب المجتمع ، وينسون من صنعهم، وأكثر من ذلك يتعالون عليهم في حال اتساع رقعة حلفائهم وأعوانهم .

من باب الوفاء لهذه الفئة، هناك مقترح عام أو مطلب جماهيري بإقامة متحف وطني يُخلد هذه النُخب، خاصة أن ما يميزها أن أغلبها من مخلفات اتفاقية السلام .. وادي عربة.
أهلا تطبيع !!
Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى