“الكبير” / سهير جرادات

الكبير
سهير جرادات

يخاطبونه بـ ” الكبير”، ويتداولون بينهم عبارات: ” الكبير أمر”، و” الكبير بده هيك ” ، و”كلامه أوامر ورغباته ملباة “، و”قرارته محترمة”.
دخل معترك الحياة العملية موظفا بسيطا، وتدرج وظيفيا إلى أن وصل أعلى السلم الوظيفي، ولكن الظلم كان بانتظاره، اذ تم الاستغناء عن خدماته، وإحالته الى التقاعد.

وما هي إلا أشهر حتى جاء “جبران الخاطر”، وتم تعيينه في وظيفة مرموقة لا تعادل وظيفته الأصلية، لكنها خطوة على طريق الانصاف، ليعود إلى الخدمة من جديد ، ورد له حقه المسلوب .

ما أن جلس على ذلك الكرسي الذي حرم منه ، حتى بدأ في تطبيق أسس عوامل النجاح من وجهة نظره ، من خلال العمل بطريقة الشللية ، ورسم ” اللوبيات ” ، وبعد أن نجح داخليا في جمع المؤيدين والمناصرين والأتباع حوله ، ليضمن العمل مع فريق متآلف معه ، لا يخرج عن رأيه وتوجهاته ، بدأ بالتوجه خارج أسوار العمل ونسج ” اللوبيات “الخارجية، التي من شأنها تمكينه وتسهيل عمله، كونها عاملا مساعدا للنجاح.

مقالات ذات صلة

نجاحه لم يقتصر على الداخل والخارج فقط ، بل وصل به الأمر أنه بدأ يتصرف وكأنه معزول عن العالم ، يقوم بالعمل بأسلوب ” المايسترو ” أي العزف المنفرد على الصعيد الداخلي، الذي لا يجد منه أي اعتراض ، وعلى الصعيد الخارجي بعد ان أصبح يتحكم بالأمور ، وفرض سيطرته وهيمنته ، بطريقة أصبح هو الآمر الناهي.

بعد كل هذا النجاح الذي حققه في نشر “شروشه” داخيا وخارجيا من خلال توسيع دائرة أعوانه ، بدأ يزاول الظلم ، وأخذ يظلم من يهددونه وظيفيا ، أو من رفضوا أن يكونوا ضمن “الشلليات” و”اللوبيات” التي شكلها داخليا وخارجيا ، فظلم غيره تماما كما ظُلم هو سابقا، وأنهى خدمات كل من خالفه ، أو من شكل خطرا على وظيفته ووجوده ،وكما أنصف هو سابقا ، جاء الزمن الذي ينصف فيه من ظلمه ، ليعاد للوظيفة ، وليأخذ مكانه .

ونحن الآن بانتظار المظلوم الذي أنصف اخيرا، لمعرفة طريقة عمله ، هل تشابه طريقة سلفه ؟ المتمثلة باقتلاع “شروش” القديم التي زرعها ونشرها هنا وهناك ، داخليا وخارجيا ، والقضاء على “اللوبيات” و”الشلليات” القديمة الموالية لغيره ، والتخلص من المخلصين للسلف، وتكوين أعوان جدد يكنون له المحبة والولاء .

وستكون طريقة العمل مشابه ، في ايجاد شلل جديدة ، تحمل محل القديمة ، ولوبيات تندد بالإدارة الجديدة وترفض القديمة ، وستشهد الساحة احالات من يشكلون خطرا على وجوده وظيفيا !

الوقت كفيل للتحقق عما سيحدث في المستقبل ، لكن لوقتها على كل الادارات القديمة أو الجديدة أو اللاحقة أن تعي أمرا مهما ، بأنه لا يوجد كبير إلا الكبير ، وعلى الجميع أن لا يتخطوه ، وكل ما حصل ما هو إلا محاولات ساذجة للتشبه بالكبير وسلطاته .

Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى