الشوفير

حرّر أحدهم كتفه من تحت إبط الآخر، كما تململ الراكب الأوسط في الكرسي الأخير وأخرج ذراعيه وضمّهما بين فخذيه ، بينما عمدت سيدة بوضع حقيبتها بينها وبين الراكب الذي يشاركها المقعد المزدوج وأشاحت بوجهها نحو النافذة ألمشعورة..الطريق طويل وممل،والمقاعد ضيقة جداً،حتى الفرامل ضعيفة، والغيارات لا تستجيب في بعض الأحيان ، والنتيجة مطبات كثيرة التهمها الباص وتصدّت لها رؤوس الركاب ومؤخراتهم، الهواء المارّ من الزجاج المكسور هو الناطق الرسمي الوحيد باسم الرحلة، بينما يشكل التعطل المفاجئ للمركبة هاجس الجميع..

سئم الركاب من وضعهم ، تداخلت أصواتهم المغرغرة بالشكوى ،تعبوا، يئسوا ، فرسم دخان الملل دوائره فوق رؤوسهم .. رن الهاتف، توقف الباص بالقرب من إشارة تحذيرية ..نزل السائق ، وصعد سائق جديد..رفع الركاب رؤوسهم ليروا جزءاً من ملامحه لم يحظوا سوى بمستطيل المرآة الذي يعكس صورة عينيه والجزء العلوي من ملامحه..هدأت الأصوات وتبدد الضجر..بعد أقل من كيلو متر واحد..حرّر أحدهم كتفه من تحت إبط الآخر،وتململ الراكب الأوسط في الكرسي الأخير فأخرج ذراعية وضمهما بين فخذية ، بينما عادت السيدة ووضعت حقيبتها بينها وبين الراكب الذي يشاركها المقعد المزدوج وأشاحت بوجهها من جديد نحو النافذة المشعورة.. الطريق لا زال طويل وممل ، والمقاعد ضيقة ، والفرامل ضعيفة،والغيارات لا تستجيب ي بعض الأحيان ،وحسب الخبرة هناك مطبات كثيرة سيلتهما الباص،و كالعادة ستتصدى لها رؤوس الركاب ومؤخراتهم…ولا تغيير متوقع ، غير ان هناك – تماما – عند الإشارة التحذيرية القادمة سيكون سائق جديد…

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى