الحاجز (قصة قصيرة)

[review]
اواه يا صديقى ..كيف اخطُ لك اولَ حرفٍ من قصتى ومن

اى منطلق اقود لك جثّةَ ماضيك ..لتبارك لى فيه شباب حاضرى ..كلُ ما ارجوه منك ان لا

تصفعنى يا بعض ذاتى وان لا ترتجف الماً وحقداً وكراهية . ..وان لا تذرف

دمعة ً واحدة أسفا ً على ماضيك معى ..فانا لم اقترف جريمةً مطلقا ً ولكم حقاً

مقالات ذات صلة

تعذبتُ قبل اقدامى على تلك الخطوة التى ارجعتنى الى الحياة الرائعة .. وقد

كان لا بد من حدوث ذلك ..لم اعد احتمل ..بل ان رحم انسانيتى ما عاد يحتملُ

ذلك الجنين من عواطفى فى احشائه ..فكان لا بدمن ميلادٍ لعاطفتى .

هذه الحقيقة ُ التى هزتنى وارجعتنى للحياة مخلوقاً جديداً وتبدلت نظرتى للحياة

ولبست الامل مع (تمارا) نعم تمارا ..لا تنذهل يا صديقى لقد كان ميلادنا انفجارا مرعباً عاصفاً .. لقد حاولت ُ ان ابنى امام عاطفتى لها ونحوها الف سدٍ

عال ٍ والف سياج ..كنت اكتفى بالاحتراق الصامت امامكما حتى تحولت الــى

رمادٍ وتناهشتنى رياح الايام والضياع حتى ولد هذا القرار الاخير .

اواه ما اغرب شكل المولود الجديد يا وليم ..

وحين خرج من حلّمه للحقيقة ..باركتّه شمس الحياة ..لا لا ارجوك يا وليم لا

تصرخ ولا ترتجف الماً فانت مهما حاولت ان تمنع ضوء الشمس من ان يغمر البشر فلن تستطيع منعه الا عن نفسك ..فلا انكار لوجود البديهات ……

تعذبتُ كثيرا فى حبها ..تعذبت ُ حتى لم اعد اشعرُ بوجودى ..انكرتُ صوتى..

وحواسى تنكرتُ لاقل وظيفة حيويه فى ذاتى فقط لكى انساها .. تشاغلت عنها بالف عاطفة ٍ لكننى كنتُ اشعرُ بحجم كذبتى كلما رايتها ..وسمعت صوتها..اواه يا وليم كلما مددت ُ يدى نحوها اشعرُ كأن قيودا حديديه تزرعنى

بالارض ..تجمدنى كنت احاول جاهدا ً ان لا احتضن وجهها الطفولى الرائع

ان انام على كتّفها ..لكننى كنت ُ اشعر بالخوف كأننى أنام ُ على لحدك ……

او اتناول كاساً من المشروب على تابوتك ..فتصفعنى الحقيقة ُ يا وليم وابكى

بحرارة ٍ وعذاب لكننى كالتائه فى طريق ِ برى الريح ُ والامطارُ تحاصره

من كل اتجاه ..

اواه اين الهروب من تمارا ..اين الهروب وصوتها يتنامى داخلى وكلما حاولت ان ارتدى لبوسا ً غيرها اشعر ُ بالبرد والوحده فيزداد ايمانى بانها لى

وانها وجهى الضائع .

لعلك تعرف يا وليم اول لقاءُ لنا ..بل انت من صنعه..اتذكر كنت انت خطيبها

اواه كم اذهلنى جمالها لاول وهله ..شعرت اننى اسبح ُ في بحيرة اسطورية الدفء والراحة ..لعلنى ارتحتُ بعض الشىء من انها فى الغد ستصبح فى الغد

زوجتك ..امراةُ لصديق يسرك دوما ً ان تراها ..وعرّفتنى عليها ((عصام ..هذه خطيبتى تمارا .. وهذا الطبقُ الشهى هو صديقى عصام )،، تناقشنا كثيرا

وفى اول جلسة ٍ معاً ضحكنا جداً .. وعرفتُ عنكما حداثة العلاقة والمعرفه ..

وغموض المواقف والافكار ,,ولكننى كنت احسُ انك مصممُ على قطع الشوط

معها .. ولمستُ لديها بعضَ الخوف والتردد والحذر .كنتُ اشعرُ اننى مفرغُ من الداخل كلما رايتها ..عاريا من خوفى وذنوبى ..ولا ادرى لماذا كان قلبى

يرتجف ُ كثيرا ً بحضرتها ..كنتُ افسر ُ ذلك الشعور بانه ارتجافة الشاعـــر

حين يحاصره الجمالُ فجاة ً ..يمتلك الحرف لحظتها فيرتجف .

وتراكضت بنا الايام يا وليم فى جنون ٍ وجنوحٍ ٍ ولا ادرى اكان يحق ُ لى

ان احلم بها ليلا… وان اعشقها بشغف .

ارجوك يا صديقى وليم ..ان تصبر قليلا .. وان لا تمزق َ احرفى هذه ..فروعةُ ُ القاضى فى صبره وحكمته ِ لروية كامل القضيه ..قبل ان يصدر

خكْمهُ.

لقد سمعتُ منها ومنك الكثير والكثير من المشاكل .. فى انها جامحة الامانى

متعالية ُ فى احلامها و مطالبها .. فى انها جافة معك ..فتزرع الالغام َ فى طريق غدك معها ..وارتعشت ُ حشية َ ان يكون جمالها قناعاً تخفى تحته اسلحة ُ غدر النساء ..كنتُ اخاف ُ حزنك المتنامى ..اواه كم اشفقتُ عليـــك حين بكيت َ ذات يوم ٍ على كتفى فى حزنٍ ٍ طفولى رائع ٍ ومفجع ْ….اواه يا

كتّفى الايمن لكم كنت َ كرسى اعتراف ِ لوليم ..لكننى اخشى اننى لم اكن لك

كاهنك المقدس القابع خلف كرسى الاعتراف .

لم تكن تمارا براضية ٍ عنك .. فانت لم تستطع ان تبنى لها كهفها التى تريد ..

وبيتا ً من الامانى تنام ُ فيه من تدفق امطار الحياة ..فالمرأة بحاجة ٍ الى

دفقات من الحنان والشعور برجولة ترفد ْ المرأة بعاطفة حنونه …فانت لم

تكن تعاملها الا كاحدى صديقاتك ِ وتلك حفرة ُ انت حفرتها وسقطت فيها ,

لقد رأيتها مرة اثناء خطوبتك لها ..جاتنى زائرة ً وكادت تمارا تبكى يومهـا

(( ان خيوط َ القناعة به واهية ُ جداً ..بل لعلها غير موجودة اصلا ..) انهــا

كانت تودُ التمسك َ بك فى اى خيط معك.. لكنك يا وليم لم تعرف ُ مطلقــاً

كيف تُحكم الرباط .حاولت جاهداً ..صدقنى جاهداً ومخلصاً ورغم حبى لهـــا

ان ابنى معها سداً امام تيار الخلاف الذى بدا لى متدفقاً بينكما ..لكنما العواطف لا تزرع ُ زراعة ً فى اعماقنا .

كانت تمارا تكبر داخلى مثل شجرة ٍ استوائيه على ضفة نهر ٍ .. وكان

السوال الذى يصفع احساسى المرهف ايحق ُلى ان احبها ..اهو الحب ُ ما اشعر به نحوها .. ايحقُ لشاعر ٍ مرهف ٍ ان يرى دم زميله .ثم يسكر ُ منــه

لماذا اختارتنى من بين رجال العالم لتشعرنى باهميتى ..ورجولتى .

وانا اخترتها من بين كل نساء العالم ..اواه يا وليم لن تصدق انت مطلقـــاً

كم هى غاليةُ على نفسى وذاتى .. وكم ارجعتنى لشبابى .. والذى كنت انت

تحاول ان تعيده لى بمرحك وحبك ..لم اكن اعلم انهاا هى التى احتاج اليه لكى

تعود شباباً وان جثتك انت هى طريقى نحو ابواب الغد لم اكن اعلم ذلك ..

كان السؤال فى اعماقى عاصفةًُ رمليةُ تزدادُ ضروارة ً مع الايام بداخلـــــى

تملانى وعروقى بالرمل ..بالالم البرى الموجع .. وتمارا دائماً نافورة مـــن

الالم ..من المخاوف تتدفق ُ فى داخلى ..

اواه كم تعذبت قبل اتخاذى قرارى الاخير ..اواه اتذكر ذلك اليوم الذى جئتنى

فيه باكيا حزيناً ..وبكيتَ فى حرقةٍ على كتفى .

أه ما اصعب ذكراه ذلك اليوم ..لقد توجعتُ كثيرا ً من اجلك ..نحرتنى سكاكين

الالم حين علمت ُ بافتراقها عنكَ .. وتساقطت َ اوراقك الخضراء قبل خريفـك

وهربتَ انت عن واقعنا قليلا فى غربة العمل .

كانت ذاكرتى تعاقبتى كلما حاولت الرجوع اليها ولو فكرا َ ..لقد كانت اثناء

خطبتكما تنزرع ُ فى داخلى قليلا قليلا ..لكننى لم اخنّــك ابداَ اطلاقاً فالبذرة ُ

التى القتها فى داخلى من اول لقاء لم اسمح لها صدقنى ما سمحت ُ لها ان

تاكل من تراب غذائك لتكون فى الغد غذاءً لى .

ذات يوم ٍ .. وبعد انفصالكما باشهر عديده سمعتُ صوتها على الهاتف ….

اواه ايها الطائر الجميل كيف ولماذا عدت َ تغنى فى غابتى من جديد ؟ ولماذا

تظهرُ الزهور ُ فجـة فى موسم الخريف .

راعنى الصمت ارجعنى للاستسلام السريع ..للاستحمام فى تازيت الساخن

لقد حاولت ان انساها لانك لا تزال تحبها برغم التباعد .. بل لعلنى اعتبرتها

قد ماتت فى ذهنى ..لكننى لم احاول يوما ً ان اراها ،، لكنكها اليوم قد طرقت

باب القلب فى كل عنف .. لقدكانت دعوتها لى اكبر ُ من كل رفض ..هى من

دعتنى وكنتُ ضعيفا ً امامها ..فهى اشدُ التصاقاًفى ثنايا الروح من كل حياء

لم استطع ان ارفضها فانا احبها ايضا وبعنف كل حرمان الحياة وحين جلستُ

اليها فى ذلك اللقاء الاخير كنت ُ موزع العواطف خائفا ً من عتابك لى …من

صرخةالصداقة (( ماذا تفعل ُ يا عصام ) ..كنت ُ اشعر ان فوق صدرى كتلة

من الاحزان والتردد.

اواه كم كنتُ خجلا فمن اين امسك طرف الحديث والطريق معها ..كان لا بد

من كلمة ٍ ما لافتتاح الحديث وكانت تنتظر منّى كلمه ..لعلها قد قدّرت موقفـى

شعرت بخوفى وبخوفنا المتبادل من هذا التلاقى .. واقتحمنا حاجز الخوف

بكلمات باردة ٍ سخيفة ..ترى هل دُستُ عواطف َ الصداقة ؟ هل زرعتُ على

قبركِ الزهور واستطابت لى عطورها وعبيرها فصنعت ُ منها باقة ً لغرفة

نومى ..وحين امسكتُ بيدها شعرت ُ بك تصفعنى فة قسوة ٍ فى وجهى فى كل

مرارةٍ واحتقار ..لماذا يا وليم ان تمارا هى المرأة الوحيدة فى العالم التــــــى

اعادتنى للحياة . ..وانت مهجور ُ فى ذهنها ..فانا لم اخنك َ اطلاقا ..وهذا مـــا

اريدك ان تحاول فهمه .

حين رايتها من جديد .. رأيت فى عيونها دعوة للاقتحام ….لتنفجر بالتالى ما

بى وما فى داخلى من براكين .. وفى لحظة الاقتراب .. فى لحظة ما شعرت

اننى اقف على طرف هاوية ٍ سحيقة ِ مليئة بالمخاوف والاحزان .. الى اين

أرتمى على صدرها ام على صدرك . ..كنتُ اشعر بذلك الحاجز الملعون اراها

ولا احسُها ..ارى شفتيها تتحركان ولا اسمع ما تقول وتعالى نداء (تمارا ،،،

تمارا ) ووجدت نفسى بلحظة ٍ شجاعة غريبة قوية اصرح فى عنف ٍ ((احبك

احبك يا تمارا ..)) ووجدت نفسى ابكى على كتفها فى انهيار …ابكى ولا ادرى

لماذا بكت معى ,

اواه يا وليم انه نفس الكتف الذى بكيت انت فوقه ُ ..وبكينا كلانا بعنف انفجار ٍ

بعد اختناق طويل …بكينا بعنفٍ ونحن نغنسل ُ فى شفاه بعضنا البعض ..ترى

اكانت دموعنا فرحا ً او حزناً عليك . او حزناً ً لشىء ما تحطم فى داخلى ..

وطلبتها للزواج ..فلا ادرى يا صديقى وليم ..هل للزهور المتناميه على قبور

الاحبه نفس لون ورائحة الزهور المتنامية فى حدائق الفرح . اجبنى يـــــا

وليم فانا انتظرُ الجواب .

انتهت

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى