أي عيد ! / سهير جرادات

أي عيد !

عن أي عيد تتحدثون ، وفلسطين ما زالت ترزح تحت نير الاحتلال الصهيوني ، والمرابطات دفاعا عن المسجد الأقصى يذكرننا بأن القدس عربية، وهن يتلقين وحيدات اهانات الجنود الاسرائيليين.
عن أي عيد نتحدث ، والعراق منذ أن شن الجيش العراقي هجومه على الكويت ، والاعلان عن ضم الكويت للعراق ، وإعلان الكويت المحافظة رقم 19 للعراق ، وهو يعاني يوميا العنف الطائفي ، وعمليات القتل الجماعي ، واستهداف التفجيرات للتجمعات السكنية أو المدنية العامة التي أصبح سماع صوتها أمرا عاديا للعراقيين .
عن أي عيد تتحدثون ، وغزة محاصرة ، بعد أن فرض الاسرائيلي المحتل الحصار الخانق عليها إثر نجاح حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية ، ليكون الحصار بمشاركة عربية غير رسمية باغلاق معبر رفح المنفذ الوحيد للقطاع على العالم الخارجي من الجانب المصري .
عن أي عيد تتحدثون ، ومصر تعاني تداعيات الازمة التي تعيشها منذ أن وصلتها موجة ثورات الربيع العربي ، فأنهكت الدولة قبل مواطنيها، واصاب المجتمع الأرق ، وتأخرت عجلة التنمية لديها ، وتأثرت البلاد شعبيا، ورسميا ، وساسيا ،اثر تعاقب الحكومات بطريقة متسارعة دون وضع استراتيجات ، أو تحقيق لأي أهداف .عن أي عيد تتحدثون ، وتونس الخضراء تبحث منذ ان اندلعت ثورة الحرية والكرامة عن استقرارها وعزها وكرامتها ، بعد أن اندلعت شرارة الغضب العارمة على الأوضاع المتردية ، وارتفاع نسبة البطالة والتهميش والإقصاء، بعد غياب العدالة الاجتماعية ، وانتشارالفساد داخل النظام الحاكم، وما زال التوانسة ينشدون استقرار الأوضاع وتحسن الأحوال .
عن أي عيد تتحدثون ، واليمن السعيد أصبح حزينا وفقيرا، بعد أن أنفقت مالها في التسلح ضد بعضهم بعضا ، بعد أن اندلعت ثورة الشباب اليمنية أثر شيوع الفساد في البلاد التي تواجه تحديات من تنظيم القاعدة والحراك الجنوبي في الجنوب ، والحوثيين المتمردين في الشمال ، والمدنيين يدفعون تبعات الحرب القائمة بين قوات التحالف العربي، التي تقودها المملكة العربية السعودية من جهة، والحوثيون من جهة أخرى ، انعدم معها الأمن، وقيدت حركة التنقل ، وتفشت الأوبئة والكوليرا في البلاد .
عن أي عيد تتحدثون ، وليبيا تعاني صراعا بين أربع منظمات متناحرة تسعى للسيطرة عليها مذ أن وصلتها لعنة الربيع العربي ، وساد قتل الليبين لانفسهم بايديهم.
عن أي عيد تتحدثون ، وشام العرب تنزف أثر ما تعانيه منذ اندلاع للثورة السورية ، واستمرار النزاع المسلح بين الحكومة وحلفائها مع الجماعات المعارضة السورية – الجيش السوري الحر، وجبهة النصرة، و‌الدولة الإسلامية (داعش).عن أي عيد تتحدثون ، وقطر مقاطعة من قبل العديد من الدول العربية ، في قرار صدر بالشهر الفضيل ، ليعلن عن مولد الأزمة القطرية الخليجية ، دون الخوض العميق في الاسباب المعلنة، والمخفية وراء اتخاذ قرارالمقاطعة .

عن أي عيد نتحدث ، وأردننا الغالي يعاني ارتفاع المديونية ، وتوالي الأزمات الاقتصادية ، وارتفاع الأسعار، وتفاقم أثر اللجوء السوري ، وغياب دور النزاهة و الشفافية و المساءلة، وتطبيق القوانين للقضاء على المحسوبية و الفساد؟!
عن أي عيد نتحدث ، ودائرة ازمة الاخلاق تتسع ، بتفشي الفساد والواسطة، واتساع رقعة المحسوبية ، وانعدام المثل والعدالة ، وضعف الحس الوطني مع انتشار الفقر والبطالة.بعيدا عن الخوض في الأسباب التي تقف خلف الأزمات العربية ، ولماذا وصلنا الى هنا ؟
دعونا نتوقف عند استعراض حال الدول العربية الاسلامية التي تحتفل بعيد الفطر السعيد في هذه الايام ، وكيف صارت حالها ، ويبقى الحل بسيطا ومعروفا لكنه يتعارض مع مصالح بعضهم ، لذا يتم استبعاد طرحها .
هكذا اصبح عيدنا ، بعد ان انتشرت رقعة الفرقة بيننا.. فأي عيد تحتفل به الدول العربية الاسلامية ، واي عيد تتحدثون عنه في ظل ظروف الحزن والفرقة والالم؟!
وعلى الرغم من كل السوداوية في الموقف فلدينا قناعة راسخة بان ضوء الامل سيعم احوالنا ونشعر بالسعادة، ولا بدَّ من تعظيم شعائر الله – جل وعلا – مصداقًا لقوله – تعالى-: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ .

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى